لا غير، و إنما لم يجعل له أجرة المثل إذا کان المال كثيراً لأنه ربما کان أجرة المثل أكثر من نفقته بالمعروف، و علي ما قلناه من أن له أجرة المثل سقط هذا الاعتبار و قوله: (فَإِذا دَفَعتُم إِلَيهِم أَموالَهُم فَأَشهِدُوا عَلَيهِم) خطاب لأولياء اليتامي، إذا دفعوا أموال اليتامي إليهم، أن يحتاطوا لأنفسهم بالإشهاد عليهم، لئلا يقع منهم جحود، و يكونوا أبعد من التهمة، و سواء کان ذلک في أيديهم، أو استقرضوه ديناً علي نفوسهم، فان الاشهاد يقتضيه الاحتياط، و ليس بواجب. و قوله:
(كَفي بِاللّهِ حَسِيباً) معناه: كفي اللّه، و الباء زائدة، و قال السدي: معناه شهيدا هاهنا، و قيل: معناه: و كفي باللّه كافياً من الشهود، و لأن أحسبني معناه: كفاني، و المعني: و كفي باللّه شهيداً في الثقة بإيصال الحق إلي صاحبه و المحسب من الرجال المرتفع النسب. و المحسب، المكفي. و ولي اليتيم المأمور بابتلائه، و هو ألذي جعل إليه القيام به، من وصي، أو حاكم، أو أمين، ينصبه الحاكم. و أجاز أصحابنا الاستقراض من مال اليتيم إذا کان ملياً، و فيه خلاف.
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَ الأَقرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَ الأَقرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنهُ أَو كَثُرَ نَصِيباً مَفرُوضاً (7)
- آية بلا خلاف-.
اختلفوا في سبب نزول هذه الآية، فقال قتادة، و إبن جريج، و إبن زيد:
إن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث، فنزلت هذه الآية رداً لقولهم. و قال الزجاج: كانت العرب لا تورث إلا من طاعن بالرماح، و ذاد عن الحريم و المال، فنزلت هذه الآية رداً عليهم، و بين أن للرجال نصيباً مما ترك الولدان و الأقربون، «وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَ الأَقرَبُونَ، مِمّا قَلَّ مِنهُ أَو كَثُرَ نَصِيباً مَفرُوضاً» يعني حظاً مفروضاً، قال الزجاج: مفروضاً. نصب علي الحال،