«وَ المَساكِينَ وَ ابنَ السَّبِيلِ وَ السّائِلِينَ» فيجب أن يحمل قوله: «و الصابرين» علي من لم يذكر، ليكون فيه فائدة. و إن کان ذلک وجهاً مليحاً.
و القراءة بالرفع أجود، و أقوي، لأنه اسم (ليس) مقدم قبل الخبر لفائدة في الخبر، و لأنه قرأ «ليس البر بأن» ذكره الفراء.
و قوله: «أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا» معناه الّذين جمعوا العمل بهذه الخصال الموصوفة: هم الموصوفون بأنهم صدقوا علي الحقيقة، لأنهم عملوا بموجب ما أقرّوا به. «أُولئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ» يعني اتقوا- بفعل هذه الخصال- نار جهنم.
و استدل أصحابنا بهذه الآية علي أن المعني بها أمير المؤمنين (ع)، لأنه لا خلاف بين الأمة أن جميع هذه الخصال كانت جامعة فيه. و لم تجتمع في غيره قطعاً، فهو مراد بالآية بالإجماع. و غيره مشكوك فيه غير مقطوع عليه. و قال الزجاج، و الفراء: هذه الآية تتناول الأنبياء المعصومين، لأنهم الّذين يجمعون هذه الصفات.
و من قرأ (ليس البرّ) بالرفع، جعل البر اسماً، و جعل (أن) في موضع نصب، و من نصب جعل (أن تولوا) في موضع رفع، و قدم الخبر. و مثله قوله تعالي:
«ما كانَ حُجَّتَهُم إِلّا أَن قالُوا»[1] «وَ ما كانَ قَولَهُم»[2] وَ ما كانَ جَوابَ قَومِهِ[3]. «فَكانَ عاقِبَتَهُما»[4] و ما أشبه ذلک.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ القِصاصُ فِي القَتلي الحُرُّ بِالحُرِّ وَ العَبدُ بِالعَبدِ وَ الأُنثي بِالأُنثي فَمَن عُفِيَ لَهُ مِن أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّباعٌ بِالمَعرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيهِ بِإِحسانٍ ذلِكَ تَخفِيفٌ مِن رَبِّكُم وَ رَحمَةٌ فَمَنِ اعتَدي بَعدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (178)