معناه ألزمها، و اضطرها. فأما التعجب، فمثل قوله «قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ»[1] أي قد حلّ محل ما يتعجب منه. و قيل: ما أصبرك علي كذا بمعني ما أجرأك قال أبو عبيدة: هي لغة يمانية.
و اشتق أصبر بمعني أجرأ من الصبر ألذي هو حبس النفس، لأن بالجرأة يصبر علي الشدة. فأما القول الآخر: فحبسوا أنفسهم علي عمل أهل النار، بدوامهم عليه، و انهماكهم فيه. و حكي الكسائي عن قاضي اليمن عن بعض العرب، قال لخصمه:
ما أصبرك علي اللّه أي علي عذاب اللّه تعالي.
ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الكِتابَ بِالحَقِّ وَ إِنَّ الَّذِينَ اختَلَفُوا فِي الكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (176)
آية واحدة.
ذلک رفع بالابتداء، أو بأنه خبر الابتداء و هو إشارة الي أحد ثلاثة أشياء:
أولها- قال الحسن: ذلک الحكم بالنار. الثاني- ذلک العذاب. الثالث- ذلک الضلال.
و في تقدير خبر ذلک ثلاثة أقوال: [الاول]- قال الزجاج: ذلک الأمر، أو الأمر ذلک، فحذف لدلالة ما تقدم من الأمر بالحق. فكأنه قال: ذلک الحق.
و استغني عن ذكر الحق لتقدم ذكره في الكلام. الثاني- ذلک معلوم «بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الكِتابَ بِالحَقِّ» فقد تقدم ذكر ما هو معلوم بالتنزيل، فحذف لدلالة الكلام عليه.
الثالث- ذلک العذاب لهم «بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الكِتابَ بِالحَقِّ» و كفروا به، فتكون الباء في موضع الخبر. و يحتمل ذلک أن يکون رفعاً علي ما بينا. و يحتمل أن يکون نصباً علي فعلنا ذلک، لأن في الكلام ما يدل علي (فعلنا).