و من قرأ- بالتاء- يقوي انها المتعدية الي مفعول واحد، و يدل علي ذلک أيضاً قوله «إِذ يَرَونَ العَذابَ»، و قوله: «وَ إِذا رَأَي الَّذِينَ ظَلَمُوا العَذابَ» «فَلا يُخَفَّفُ عَنهُمُ»، فتعدي الي مفعول واحد. فان قيل: كيف قال: «وَ لَو يَرَي الَّذِينَ ظَلَمُوا» و هو أمر مستقبل، و إذ لما مضي! قيل: إنما جاء علي لفظ المضي لإرادة التقريب في ذلک، کما جاء «وَ ما أَمرُ السّاعَةِ إِلّا كَلَمحِ البَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ»[1] و علي هذا جاء في هذا المعني أمثلة الماضي كقوله: «وَ نادي أَصحابُ النّارِ أَصحابَ الجَنَّةِ»[2]. هكذا ذكره أبو علي الفارسي قال: و علي هذا المعني جاء في مواضع كثيرة في القرآن، كقوله تعالي «وَ لَو تَري إِذ وُقِفُوا عَلي رَبِّهِم»[3] «وَ لَو تَري إِذ وُقِفُوا عَلَي النّارِ»[4] «وَ لَو تَري إِذِ الظّالِمُونَ مَوقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِم»[5] «وَ لَو تَري إِذ فَزِعُوا، فَلا فَوتَ»[6] «وَ لَو تَري إِذ يَتَوَفَّي الَّذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ»[7]. كذلك هذه الآية.
إِذ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا العَذابَ وَ تَقَطَّعَت بِهِمُ الأَسبابُ (166)
آية واحدة بلا خلاف.
العامل في (إذ) قوله تعالي: «وَ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ العَذابِ إِذ تَبَرَّأَ الَّذِينَ» كأنه قيل وقت تبرأوا.
و التبرّء: التباعد للعداوة، فإذا قيل تبرّأ اللّه من المشركين معناه باعدهم من رحمته، و كذلك إذ تبرّء الرسول منهم معناه باعدهم- للعداوة- عن منازل من