لفرقة بنيل المحبة. و أدال اللّه فلاناً من فلان: إذا جعل الكرة له[1] عليه. و قال الحجاج: إن الإرض ستدال منا کما ادلنا منها، «و نداولها» إنما هو بتخفيف المحنة تارة و تشديدها أخري بدليل «وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ» و لو كانت المداولة بالنصر لا محالة، للمؤمنين تارة و للكافرين تارة، لكان محبهم من حيث هو ناصر لهم، و العامل في قوله، و ليعلم اللّه يحتمل أمرين:
أحدهما- ان يکون محذوفاً يدل عليه أول الكلام، و تقديره و ليعلم اللّه الّذين آمنوا نداولها.
الثاني- أن يعمل فيه «نداولها» ألذي في اللفظ، و تقديره نداولها بين النّاس لضروب من التدبير «وَ لِيَعلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» و خبر ليعلم يحتمل أمرين:
أحدهما- أن يکون محذوفاً و تقديره «وَ لِيَعلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» متميزين بالايمان من غيرهم، و لا يکون علي هذا يعلم بمعني يعرف، لأنه ليس المعني علي تعرف الذوات بل المعني علي أن يعلم تميزها بالايمان.
و الثاني- «وَ لِيَعلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» بما يظهر من صبرهم علي جهاد عدوهم أي يعاملهم معاملة من يريد أن يعرفهم اللّه بهذه الحال. و قال أبو علي: معناه و ليصبروا فعبر عن الصبر بالعلم. و قال البلخي «وَ لِيَعلَمَ اللّهُ» ايمانكم موجوداً أي تفعلونها، فيعلمه اللّه كذلك. و معني قوله: «وَ يَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ» فيه قولان:
أحدهما- قال الحسن، و قتادة، و إبن إسحاق، ليكرم بالشهادة من قتل يوم أحد.
الثاني- و يتخذ منكم شهداء علي النّاس بما يکون منهم من العصيان، لما لكم فيه من التعظيم، و التبجيل- هذا قول البلخي و الجبائي- و الأول أقوي لأنه في ذكر القتل، فان قيل لم جعل اللّه مداولة الأيام بين النّاس، و هلا كانت ابداً لأولياء اللّه دون أعدائه! قلنا ذلک تابع للمصلحة، و ما تقتضيه الحكمة أن يكونوا تارة في