تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدِينَ فِيها» و قد مضي تفسير ذلک أجمع فيما مضي ثم قال «وَ نِعمَ أَجرُ العامِلِينَ» يعني ما وصفه من الجنات و أنواع الثواب، و المغفرة بستر الذنب حتي تصير كأنها لم تعمل في زوال العار بها و العقوبة بها، و اللّه تعالي متفضل بذلك لأنا بينا أن إسقاط العذاب[1] عند التوبة تفضل منه تعالي، فأما استحقاق الثواب بالتوبة فواجب عقلا لا محالة، لأنه لو لم يكن مستحقاً لذلك لقبح تكليفه التوبة لما فيها من المشقة و الكلفة.
قَد خَلَت مِن قَبلِكُم سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ (137)
آية.
معني قوله: «قَد خَلَت مِن قَبلِكُم سُنَنٌ» أي سنن من اللّه تعالي في الأمم السالفة إذ[2] كذبوا رسله و جحدوا نبوتهم بالاستئصال، و الاجتياح، كعاد، و ثمود، و قوم صالح، و قوم لوط الّذين أهلكهم اللّه بأنواع العذاب من الاستئصال[3] فبقيت[4] لهم آثار في الديار فيها أعظم الاعتبار و الاتعاظ- علي قول الحسن، و إبن إسحاق- فأمر اللّه أن يسيروا في الإرض، و يتعرفوا أخبارهم، و ما نزل بهم ليتعظوا بذلك، و ينتهوا عن مثل ما فعلوه. و قال الزجاج:
معناه «قَد خَلَت مِن قَبلِكُم» أهل «سنن» في الشر.
و السنة: الطريقة المجعولة ليقتدي بها، فمن ذلک سنة رسول اللّه (ص).