و انهم ينفقون في السراء، و الضراء و قد بينا فيما تقدم معني الإنفاق. و قيل في معني السراء و الضراء. قولان:
أحدهما- قال إبن عباس في اليسر، و العسر، فكأنه قال في السراء بكثرة المال، و الضراء بقلته.
الثاني- في حال السرور، و حال الاغتمام. أي لا يقطعهم شيء من ذلک عن إنفاقه في وجوه البر، فيدخل فيه اليسر و العسر. و إنما خصا بالذكر في التأويل الأول، لأن السرور بالمال يدعو إلي الظن به. کما يدعو ضيقه إلي التمسك به خوف الفقر، لانفاقه. و قوله تعالي: «وَ الكاظِمِينَ الغَيظَ» أي المتجرعين له، فلا ينتقمون ممن يدخل عليهم الضرر بل يصبرون علي ذلک، و يتجرعونه.
اللغة:
و أصل الكظم شد رأس القربة عن ملئها. تقول: كظمت القربة إذا ملأتها ماء ثم شددت رأسها. و فلان كظيم و مكظوم إذا کان ممتلئاً حزناً. و منه قوله:
«وَ ابيَضَّت عَيناهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظِيمٌ»[1] أي ممتلئ حزناً. و كذلك إذا