بَعدَ إِيمانِكُم»[1] و ليس کل من دخل النار كفر بعد إيمانه. و مثله قوله: «كُلَّما أُلقِيَ فِيها فَوجٌ سَأَلَهُم خَزَنَتُها أَ لَم يَأتِكُم نَذِيرٌ»[2] و ليس کل الكفار يقول ذلک. و منه قوله: «فَكُبكِبُوا فِيها هُم وَ الغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبلِيسَ أَجمَعُونَ. قالُوا وَ هُم فِيها يَختَصِمُونَ تَاللّهِ إِن كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ العالَمِينَ»[3] و ليس کل الكفار سووا الشياطين برب العالمين.
و الثاني- أنه لا يقال أعدت لغيرهم من الفاسقين، لأن اعدادها للكافرين من حيث کان عقابهم هو المعتمد و عقاب الآخرين له تبع، کما قال: «وَ جَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَ الأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ»[4] و لا خلاف أنه يدخلها الأطفال و المجانين إلا أنهم تبع للمتقين، لأنه لولاهم لم يدخلوها. و لا يقال: إن الجنة أعدت لغير المتقين.
الثالث- أن تكون هذه النار ناراً مخصوصة فيها الكفار خاصة دون الفساق و ان کان هناك نار أخري يدخلها الفساق، کما قال: «لا يَصلاها إِلَّا الأَشقَي الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلّي»[5] و کما قال: «إِنَّ المُنافِقِينَ فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ»[6] و هذا قول أبي علي. و استدل البلخي بهذه الآية علي أن الربا كبيرة، لأن تقديره «وَ اتَّقُوا النّارَ الَّتِي أُعِدَّت لِلكافِرِينَ» أن يأكلوا الربا، فيستحقونها. و الإجماع حاصل علي أن الربا كبيرة، فلا يحتاج إلي هذا التأويل، لأن الآية يمكن أن يقول قائل: إنها بمعني الزجر و التحذير عن الكفر، فقط و قوله: «أعدت» فالاعداد هو تقديم عمل الشيء لغيره مما هو متأخر عنه و قد قدم فعل النار ليصلاها الكفار. و الاعداد و الإيجاد و التهيئة و التقدمة متقاربة المعني و قوله: «وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ»: أمر بالطاعة للّه و رسوله. و الوجه في الأمر بالطاعة للّه و رسوله مع أن العقل دال عليه يحتمل أمرين:
أحدهما- أن يکون ذلک تأكيداً لما في العقل، کما وردت نظائره، كقوله: