راجع إلي الامداد نفسه. و الاول أقوي لأن البشري في صفات الانزال و ذلک يليق بذكر الامداد. و الفرق بين قوله: «وَ لِتَطمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ» و قوله و اطمئنانا لقلوبكم، أن الوعد في أحدهما اطمئنان، و في الآخر سببه الاطمئنان، فهو أشد في تحقيق الكلام من أجل دخول اللام. و قوله: «وَ مَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللّهِ» معناه أن الحاجة لازمة في المعونة و ان أمدهم بالملائكة فإنهم لا يستغنون عن معونته طرفة عين في تقوية قلوبهم و خذلان عدوهم بضعف قلوبهم إلي غير ذلک من الأمور الّتي لا قوام لهم إلا بها و لا متكل لهم إلا عليها. فان قيل: كيف قال «وَ مَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللّهِ» و قد ينصر المؤمنون بعضهم بعضاً و بعض المشركين بعضا! قلنا: لأن نصر بعض المؤمنين بعضاً من عند اللّه لأنه بمعونته و حسن توفيقه، و أما نصر المشركين بعضهم، لبعض، فلا يعتد به، لأنه بخذلان اللّه من حيث أن عاقبته إلي شر مآل من العقاب الدائم. و قوله: «العَزِيزِ الحَكِيمِ» معناه هاهنا العزيز في انتقامه من الكفار بأيدي المؤمنين، الحكيم في تدبيره للعالمين ليعلمهم بأن حربهم للمشركين يجري علي إعزاز الدين، و الحكمة في تدبير المكلفين و معني العزيز المنيع باقتداره.
لِيَقطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَو يَكبِتَهُم فَيَنقَلِبُوا خائِبِينَ (127)
آية.
قوله: «لِيَقطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا» يحتمل أن يتصل بثلاثة أشياء:
أحدها- «وَ مَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللّهِ لِيَقطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ».
الثاني- بقوله و لقد نصركم اللّه ببدر ليقطع طرفاً.
الثالث- ذلک التدبير ليقطع طرفاً.