الجهاز فبلغ ذلک قريشاً فخافوهم أن يکون قد التأم اليهم من کان تأخر عنهم و انضم إليهم غيرهم، فدسوا نعيم بن مسعود الاشجعي حتي قصدهم بتعظيم أمر قريش و اسرعوا. و القصة معروفة و لذلك قال قوم من المفسرين: ان جميعهم ثمانية آلاف و قال الحسن جميعهم خمسة آلاف منهم الثلاثة آلاف المنزلين علي أن الظاهر يقتضي أن الامداد بثلاثة آلاف کان يوم بدر، لأن قوله: «إِذ تَقُولُ لِلمُؤمِنِينَ» متعلق بقوله: «وَ لَقَد نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدرٍ» «إِذ تَقُولُ لِلمُؤمِنِينَ أَ لَن يَكفِيَكُم أَن يُمِدَّكُم رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُنزَلِينَ» ثم استأنف حكم يوم أحد، فقال:
«بَلي إِن تَصبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأتُوكُم مِن فَورِهِم» يعني رجعوا عليكم بعد انصرافهم أمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين. و القصة في ذلک معروفة علي ما بيناه، و علي هذا لا تنافي بينهما، و هذا قول البلخي رواه عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: لم يمدوا يوم أحد و لا بملك واحد. فان قيل لمَ لم يمدوا بالملائكة في سائر الحروب! قلنا: ذلک تابع للمصلحة فإذا علم اللّه المصلحة في إمدادهم أمدهم.
وَ ما جَعَلَهُ اللّهُ إِلاّ بُشري لَكُم وَ لِتَطمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَ مَا النَّصرُ إِلاّ مِن عِندِ اللّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ (126)
آية.
الهاء في قوله: «وَ ما جَعَلَهُ اللّهُ» عائدة علي ذكر الأمداد و الوعد فيعود علي معلوم بالدلالة عليه غير مذكور باسمه لأن يمدد يدل علي الذكر للامداد و مثله «إِذ عُرِضَ عَلَيهِ بِالعَشِيِّ الصّافِناتُ الجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحبَبتُ حُبَّ الخَيرِ عَن ذِكرِ رَبِّي حَتّي تَوارَت بِالحِجابِ»[1] أي الشمس. و قال لبيد:
حتي إذا ألقت يداً في كافر و أجن عورات الثغور ظلامها[2]
أي القت الشمس فرد الضمير إلي معلوم ليس بمذكور. و قال قوم: ان الضمير