«عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنهُم»[1] و قال الشاعر:
رأين الغواني الشيب لاح بعارضي فاعرضن عني بالخدود النواضر[2]
قال الرماني، و هذا غلط، لأن هذه اللغة ردية في القياس و الاستعمال أما القياس، فلان الجمع عارض، و العارض لا يؤكد علامته، لأنه بمنزلة ما لا يعتد به، في سائر أبواب العربية و ليس كالثابت للزومه فتقدم له العلامة لتؤذن به قبل ذكره و مع ذلک فجائز تركها فيه، فكيف بالعارض، و لزوم الفعل للفاعل يغني عن التثنية و الجمع فيه، فلا يدخل جمع علي جمع کما لا يدخل تعريف علي تعريف. و أما الاستعمال، فلان أكثر العرب علي خلافه.
يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ وَ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَ يَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَ يُسارِعُونَ فِي الخَيراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ (114)
آية واحدة.
هذه الآية فيها صفة الّذين ذكرهم في الآية الّتي قبلها في قوله: «أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتلُونَ آياتِ اللّهِ آناءَ اللَّيلِ وَ هُم يَسجُدُونَ» فأضاف إلي ذلک أنهم مع ذلک يصدقون باللّه و اليوم الآخر و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و قد بينا أن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان، و أنه ليس طريق وجوبهما العقل، و إنما طريق وجوبهما السمع، و عليه إجماع الأمة. و إنما الواجب بالعقل كراهة المنكر، فقط غير أنه إذا ثبت بالسمع وجوبه، فعلينا إزالة المنكر بما يقدر عليه من الأمور الحسنة دون القبيحة، لأنه لا يجوز إزالة قبيح بقبيح آخر، و ليس لنا أن نترك أحداً