و قوله: «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ» إنما لم يقل أنتم لأحد أمور:
أحدها- قال الحسن أن ذلک لما قد کان في الكتب المتقدمة ما يسمع من الخير في هذه الأمة من جهة البشارة. و قال نحن آخرها و أكرمها علي اللّه. و كذلك
روي عن النبي (ص) أنه قال «أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها و أكرمها علي الله» فهو موافق لمعني أنتم خير أمة
إلا أنه ذكر «كنتم» لتقدم البشارة به، و يکون التقدير «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ» في الكتب الماضية فحققوا ذلک بالافعال الجميلة.
الثاني- أن کان زائدة و دخولها و خروجها بمعني، إلا أن فيها تأكيد وقوع الأمر لا محالة، لأنه بمنزلة ما قد کان في الحقيقة، کما قال «وَ اذكُرُوا إِذ أَنتُم قَلِيلٌ»[1] و في موضع آخر «وَ اذكُرُوا إِذ كُنتُم قَلِيلًا فَكَثَّرَكُم»[2] و نظيره قوله: «وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماً» لأن مغفرته المستأنفة كالماضية في تحقيق الوقوع لا محالة.
الثالث- أن (کان) تامة هاهنا و معناه حدثتم خير أمة و يکون خير أمة نصباً علي الحال.
و الرابع- «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ» في اللوح المحفوظ.
و الخامس- كنتم مذ أنتم ليدل علي أنهم كذلك مذ أول أمرهم. و اختلف المفسرون في المعني بقوله: «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ» فقال قوم: هم الّذين هاجروا مع النبي (ص) ذكره إبن عباس، و عمر بن الخطاب، و السدي. و قال عكرمة: نزلت في إبن مسعود، و سالم مولي أبي حذيفة و أبي بن كعب، و معاذ بن جبل. و قال الضحاك: هم أصحاب رسول اللّه (ص) خاصة. و قال مجاهد معناه «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ» إذا فعلتم، ما تضمنته الآية من الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر.
و الايمان باللّه و العمل بما أوجبه. و قال الربيع: معناه «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ»، لأنه لم