وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اختَلَفُوا مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ البَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُم عَذابٌ عَظِيمٌ (105)
آية.
المعني:
قال الحسن، و الربيع: المعني بهذا التفرق في الآية اليهود و النصاري، فكأنه قال يا أيها المؤمنون «لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا» يعني اليهود و النصاري. و قوله:
«مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ البَيِّناتُ» معناه من بعد ما نصبت لهم الادلة و لا يدل ذلک علي عناد الجميع، لأن قيام البينات إنما يعلم بها الحق إذا نظر فيها و استدل بها علي الحق، فان قيل إذا کان التفرق في الدين هو الاختلاف فيه، فلم ذكر الوصفان! قلنا: لأن معني «تفرقوا» يعني بالعداوة و اختلفوا في الديانة، فمعني الصفة الأولي مخالف لمعني الصفة الثانية، و فيمن نفي القياس، و الاجتهاد من استدل بهذه الآية علي المنع من الاختلاف جملة في الأصول و الفروع، و اعترض من خالف في ذلک بأن قال لا يدل ذلک علي فساد الاختلاف في مسائل الاجتهاد، کما لا يدل علي فساد الاختلاف في المسائل المنصوص عليها، كاختلاف حكم المسافر و المقيم في الصلاة و الصيام، و غير ذلک من الأحكام، لأن جميعه مدلول علي صحته إما بالنص عليه و إما بالرضي به، و هذا ليس بشيء، لأن لمن خالف في ذلک أن يقول: الظاهر يمنع من الاختلاف علي کل حال إلا ما أخرجه الدليل، و ما ذكره أخرجناه بالإجماع فالاجود في الطعن أن يقال: و قد دل الدليل علي وجوب التعبد بالقياس و الاجتهاد؟ قلنا: إن يخص ذلک أيضاً و يصير الكلام في صحة ذلک أو فساده، فالاستدلال بالآية إذاً صحيح علي نفي الاجتهاد. و قوله: «جاءَهُمُ البَيِّناتُ» إنما حذفت منه علامة التأنيث إذا تقدم، فكذلك لا يلحقه علامة التأنيث لشبهها علامة التثنية و الجمع.
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 2 صفحه : 550