نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 2 صفحه : 546
فحذفت احدي التائين، لاجتماع المثلين. و المحذوفة الثانية، لأن الأولي علامة الاستقبال، و هو مجزوم بالنهي و علامة الجزم سقوط النون. و قال إبن مسعود و قتادة: معناه و لا تفرقوا عن دين اللّه ألذي أمر فيه بلزوم الجماعة و الائتلاف علي الطاعة. و قال الحسن: معناه و لا تفرقوا عن رسول اللّه (ص). و قوله: «وَ اذكُرُوا نِعمَتَ اللّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً» معناه ما کان بين الأوس و الخزرج من الحروب الّتي تطاولت مائة و عشرين سنة إلي أن ألف بين قلوبهم بالإسلام، و زالت تلك الأحقاد، هذا قول إبن إسحاق. و قال الحسن: هو ما کان من مشركي العرب من الطوائل.
و قوله: «وَ كُنتُم عَلي شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ» معني الشفا الحرف، لأن شفا الشيء حرفه، و يثني شفوان، لأنه من الواو، و جمعه إشفاء. و لا يجوز فيه الامالة. و إنما قال: «فَأَنقَذَكُم مِنها» و إن لم يكونوا فيها، لأنهم كانوا بمنزلة من هو فيها من حيث كانوا مستحقين لدخولها. و إنما أنقذهم النبي (ص) بدعائهم إلي الإسلام، و دخولهم فيه، فصاروا بمنزلة الخارج منها.
و أصل الأخ أن الأخ مقصده مقصد أخيه، و كذلك في الصداقة أن تكون إرادة کل واحد منهما موافقة للاخر يقولون: يتوخي فلان شأن فلان أي يقصده في سيره، و يقولون: خذ علي هذا الوخي أي علي هذا القصد. و قوله: «كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُم آياتِهِ» الكاف في موضع نصب، و المعني مثل البيان ألذي تلي عليكم «يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ» معناه لتهتدوا و تكونوا علي رجاء هداية.
و الهاء في قوله فأنقذكم منها كناية عن الحفرة فترك شفا، وردت الكناية علي الحفرة. و مثل ذلک قول العجاج.
طول الليالي أسرعت في نقضي طوين طولي و طوين عرضي
فترك الطول و أخبر عن الليالي. فان قالوا إذا کان اللّه هو ألذي ألف بين قلوبهم و أنقذهم من النار، فقد صح أن أفعال الخلق فعل له و خلق من خلقه!