إبن عباس، و الحسن، و الضحاك. فأما من تركه و هو يعتقد فرضه، فانه لا يکون كافراً و إن کان عاصياً. و في الآية دلالة علي فساد مذهب المجبرة إن الاستطاعة مع الفعل، لأن اللّه تعالي أوجب الحج علي المستطيع. و من لا يستطيع، فلا يجب عليه و ذلک لا يکون إلا قبل فعل الحج. و قال قوم: معني «و من كفر» يعني ترك الحج و السبب في ذلک أنه لما نزل قوله:منبه «وَ مَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دِيناً»[1] قالت اليهود نحن المسلمون فأنزل اللّه هذه الآية فأمرهم بالحج إن كانوا صادقين فامتنعوا، فقال اللّه تعالي و من ترك من هؤلاء فهو كافر، و اللّه غني عن العالمين.
قُل يا أَهلَ الكِتابِ لِمَ تَكفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ اللّهُ شَهِيدٌ عَلي ما تَعمَلُونَ (98)
آية.
قوله: «يا أَهلَ الكِتابِ» خطاب لليهود و النصاري. و إنما أجري عليهم أهل الكتاب مع أنهم لا يعملون به، و لم يجز ذلک في أهل القرآن حتي يقال، فيمن لا يعمل بالقرآن أنه من أهل القرآن لأمرين:
أحدهما- أن القرآن اسم خاص لكتاب اللّه، فأما الكتاب فيجوز أن يراد به يا أهل الكتاب المحرف عن جهته، و الآخر- الاحتجاج عليهم بالكتاب، لإقرارهم به، كأنه قيل يا من يقر بأنه من أهل كتاب اللّه «لِمَ تَكفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ» و آيات اللّه المراد بها هاهنا معجزات نبينا محمّد (ص) الّتي كانت له، و العلامات الّتي وافقت في صفته، مما تقدمت به البشارة، و خاطبهم اللّه في هذه بأن قال له «قُل يا أَهلَ الكِتابِ لِمَ تَكفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ» علي وجه التلطف في استدعائهم إلي الحق، و توجيه الخطاب إليهم. و قال في موضع آخر «يا أَهلَ الكِتابِ لِمَ تَكفُرُونَ»[2] علي وجه الاهانة