و إنما وافقت شريعته شريعة إبراهيم، فلذلك قال اللّه تعالي «فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبراهِيمَ» و إلا فاللّه هو ألذي أوحي بها إليه و أوجبها عليه، و كانت شريعة له. فان قيل إذا كانت الشرائع بحسب المصالح، فكيف رغب في شريعة الإسلام بأنها ملة إبراهيم!
قلنا: لأن المصالح إذا وافقت ما تميل إليه النفس و يتقبله العقل بغير كلمة كانت أحق بالرغبة، کما أنها إذا وافقت الغني بدلا من الفقر، كانت أعظم في النعمة، و کان المشركون يميلون إلي اتباع ملة إبراهيم، فلذلك خوطبوا بذلك. و الحنيف: المستقيم:
الدين ألذي علي شريعة إبراهيم في حجه و نسكه و طيب مأكله، و تلك الشريعة هي الحنيفية. و أصل الحنف الاستقامة و إنما وصف المائل القدم بالأحنف تفاؤلا بها.
و قيل أصله الميل و إنما قيل الحنيف بمعني المائل إلي الحق فيما کان عليه إبراهيم من الشرع.