يوصف تعالي بأنه واحد علي أربعة أوجه أوّلها- إنه ليس بذي أبعاض و لا يجوز عليه الانقسام. الثاني- واحد في استحقاق العبادة. الثالث- واحد لا نظير له و لا شبيه الرابع- واحد في الصفات الّتي يستحقها لنفسه، فهو قديم، و قادر لا يعجزه شيء، و عالم لا يخفي عليه شيء، فكل هذه الصفات يستحقها وحده، و الواحد شيء لا ينقسم عدداً کان أو غيره، و يجري علي وجهين: علي الحكم، و علي جهة الوصف، فالحكم كقولك: الجزء واحد، و الوصف كقولك: إنسان واحد، و دار واحدة.
و معني إله أنه يحق له العبادة، و غلط الرماني، فقال: هو المستحق للعبادة، و لو کان کما قال لما کان تعالي إلها فيما لم يزل، لأنه لم يفعل ما يستحق به العبادة. و معني ما قلناه: أنه قادر علي ما إذا فعله استحق به العبادة. و قيل معني إله انه منعم بما يستحق به العبادة، و هذا باطل لما قد بيناه، و لا يجوز أن يحيّا أحد من الخلق بالإلهية، لأنه يستحيل ان يقدر أحد سوي اللّه علي ما يستحق به العبادة من خلق الأجسام، و القدرة، و الحياة، و الشهوة، و النفاد، و كمال العقل، و الحواس و غير ذلک، فلا تصح الإلهية إلّا له، لأنه القادر علي ما عددناه، و الآية تتصل بما قبلها و بما بعدها، فاتصالها بما قبلها، كاتصال الحسنة بالسيئة، لتمحو أثرها، و تحذر من مواقعتها، لأنه لما ذكر الشرك، و أحكامه أتبع ذلک بذكر التوحيد و أحكامه، و اتصالها بما بعدها كاتصال الحكم بالدلالة علي صحته، لأن ما ذكر في الآية الّتي بعدها حجة علي صحة التوحيد.