فلذلك قال: «أجمعين» و کان يجوز أن يرفع «وَ المَلائِكَةِ وَ النّاسِ أَجمَعِينَ» لأن الأول تقديره عليهم أن يلعنهم اللّه، فيحمل الثاني علي معني الأول، کما قال الشاعر:
هل أنت باعث دينار لحاجتنا أو عبد رب أخا عون بن مخراق[1]
و الاتباع أجود ليكون الكلام علي نسق واحد، و إنما ذكر وعيد الكفار هاهنا مع كونه مذكوراً في مواضع كثيرة في القرآن، للتأكيد و تغليظاً في الزجر لأنه لما جري ذكر الكافر عقب ذلک بلعنه، و وعيده، کما إذا جري ذكر المؤمن عقب ذلک بالرحمة ليكون أرغب له في فعل الطاعة و التمسك بالايمان.
خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنهُمُ العَذابُ وَ لا هُم يُنظَرُونَ (88)
آية.
الخلود في اللغة هو طول المكث، و لذلك يقال خلده في السجن و خلد الكتاب في الديوان. و قيل للأثافي: خوالد ما دامت في موضعها، فإذا زالت لا تسمي خوالد. و الفرق بين الخلود و الدوام: أن الخلود يقتضي (في) كقولك خلد في الحبس و لا يقتضي ذلک الدوام، و لذلك جاز وصفه تعالي بالدوام دون الخلود.
إلا أن خلود الكفار المراد به التأبيد بلا خلاف بين الأمة.
و قوله: «فيها» الهاء راجعة إلي اللعنة. و معني خلودهم فيها استحقاقهم لها دائماً مع ما توجبه من أليم العقاب، فأما من ليس بكافر من فساق أهل الصلاة