مع أنهم مخلدون، لأن التخفيف قد يکون مع الخلود، بان يقل المعاون ما يفعل، فأراد اللّه أن يبين أنه يقع الخلود، و يرتفع التخفيف.
و خالدين نصب علي الحال من الهاء و الميم في عليهم، كقولك: عليهم المال صاغرين، و العامل فيه الاستقرار في عليهم.
و الخلود: اللزوم أبداً، و البقاء: الوجود وقتين فصاعداً، و لذلك لم يجز في صفات اللّه خالد، و جاز باق، و لذلك يقال: أخلد الي قوله: أي لزم معني ما أتي به، و منه قوله تعالي (وَ لكِنَّهُ أَخلَدَ إِلَي الأَرضِ)[1] أي مال اليها ميل اللازم لها، كأنه قبل الخلد فيها.
و الفرق بين الخلود و الدوام أن الدوام: هو الوجود في الأول، و لا يزال.
و إذا قيل دام المطر، فهو علي المبالغة، و حقيقته لم يزل من وقت كذا الي وقت كذا، و الخلود هو اللزوم أبداً. و التخفيف: هو النقصان من المقدار ألذي له اعتماد. و العذاب:
الألم ألذي له امتداد. و الانظار: الامهال قدر ما يقع النظر في الخلاص، و اصل النظر الطلب، فالنظر بالعين: الطلب بالعين، و كذلك النظر بالقلب أو باليد أو بغيرها من الحواس، و تقول أنظر الثوب أين هو. و الفرق بين العذاب و الإيلام، ان الإيلام قد يکون بجزء[2] من الألم في الوقت الواحد. و العذاب له استمرار من الألم في أوقات، و منه العذب، لاستمراره في الحلق[3]. و العذبة، لاستمرارها بالحركة[4].