آية بلا خلاف.
إن قيل: كيف يلعن الكافر كافراً مثله و هو الظاهر في قوله (وَ النّاسِ أَجمَعِينَ)!
قيل عنه ثلاثة أجوبة:
أولها- أنه يلعنه النّاس أجمعون يوم القيامة کما قال تعالي (ثُمَّ يَومَ القِيامَةِ يَكفُرُ بَعضُكُم بِبَعضٍ وَ يَلعَنُ بَعضُكُم بَعضاً)[1] و هو قول أبي العالية.
الثاني- قال السدي: انه لا يمتنع أحد من لعن الظالمين، فيدخل في ذلک لعن الكافر لأنه ظالم.
الثالث- يراد به لعن المؤمنين خصوصاً، و لم يعتدّ بغيرهم کما يقال: المؤمنون هم النّاس، و هو قول قتادة و الربيع، هذا إذا حمل علي أن اللعن في دار الدنيا، لأن من المعلوم أن أهل ملة لا يلعن أهل ملته.
و حكي عن الحسن أنه قرأ «و الملائكة» رفعاً و يکون ذلک علي حمله علي معني يلعنهم اللّه و الملائكة و النّاس أجمعون. کما تقول: عجبت من ضرب زيد، و عمرو- بالرفع- و هذه قراءة شاذة لا يعول عليها لأنّ المعتمد ما عليه الجمهور. و لا يجوز رفع «أجمعين» وحده هاهنا لأن هذه اللفظة لا تكون إلا تابعة، و ليس في الكلام مظهر و لا مضمر تتبعه علي ذلک، و إنما الحمل علي المعني بمنزلة إعادة معني العامل الأوّل، كأنك قلت:
و يلعنهم الملائكة و النّاس أجمعون.
و الكفر ما يستحق به العقاب الدائم عندنا، و عند من خالفنا في دوام عقاب فساق أهل الصلاة انه ما يستحق به العقاب الدائم الكثير، و يتعلق به أحكام مخصوصة،