الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلا تَكُن مِنَ المُمتَرِينَ (60)
آية.
الحق رفع بأنه خبر ابتداء محذوف و تقديره ذلک الاخبار في أمر عيسي الحق من ربك، فحذف، لتقدم ذكره و أغني بشاهد الحال عن الاشارة إليه کما تقول الهلال أي هذا الهلال.
و قوله: «فَلا تَكُن مِنَ المُمتَرِينَ» يحتمل أمرين:
أحدهما- أن يکون خطاباً للنبي (ص) و المراد به غيره، کما قال. «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ»[1]- و الآخر- «فَلا تَكُن مِنَ المُمتَرِينَ» أيها السامع للبرهان من المكلفين كائناً من کان.
و الامتراء الشك، و مثله المرية و أصله الاستخراج مري الضرع يمريه مرياً:
إذا استخرج اللبن منه يمسحه ليدر، و كذلك الريح تمري السحاب مرياً. فالامتراء شك كحال المستخرج لما لا يعرف. و إنما قال: «الحَقُّ مِن رَبِّكَ» و لم يقتصر علي قوله: «ذلک الحق» «فَلا تَكُن مِنَ المُمتَرِينَ» لأن في هذه الآية دلالة علي أنه الحق، لأنه من ربك، و لو قال ذلک الحق «فَلا تَكُن مِنَ المُمتَرِينَ» لأن في هذه الآية دلالة علي أنه الحق، لأنه من ربك. و لو قال: ذلک الحق فلا تكن[2] لم يفد هذه الفائدة. و الفرق بين قوله: «فَلا تَكُن مِنَ المُمتَرِينَ» و بين قوله: فلا تكن ممترياً أن ذلک أبلغ في النهي، لأنه اشارة إلي قوم قد عرفت حالهم في النقص و العيب.