و قوله: «مَن أَنصارِي إِلَي اللّهِ» قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها- من أعواني علي هؤلاء الكفار إلي معونة اللّه أي مع معونة اللّه في قول السدي، و إبن جريج. و إنما جاز أن تكون (إلي) بمعني (مع) لما دخل الكلام من معني الاضافة و معني المصاحبة، و نظيره «الذود إلي الذود إبل» أي مع الذود. و مثله «وَ لا تَأكُلُوا أَموالَهُم إِلي أَموالِكُم»[1] أي مع أموالكم، و قولك: قدم زيد و معه مال، فلا يجوز فيه إلي و كذلك قدم إلي أهله، لا يجوز فيه مع، لاختلاف المعني.
الثاني- قال الحسن من أنصاري في السبيل إلي اللّه، لأنه دعاهم إلي سبيل اللّه.
الثالث- قال الجبائي: من أنصاري للّه، کما قال: «هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يَهدِي إِلَي الحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهدِي لِلحَقِّ»[2] و وجه ذلک أن العرض يصلح فيه اللام علي طريق العلة و إلي طريق النهاية. فان قيل عيسي إنما بعث بالوعظ دون الحرب لم استنصر عليهم! قلنا: للحماية من الكافرين الّذين أرادوا قتله عند اظهار الدعوة- في قول الحسن و مجاهد- و قال آخرون: يجوز أن يکون طلب النصرة للتمكين من إقامة الحجة و إنما قاله ليتميز الموافق من المخالف. و قوله: «قالَ الحَوارِيُّونَ» اختلفوا في تسميتهم حواريين علي ثلاثة أقوال قال سعيد بن جبير: سموا بذلك لنقاء ثيابهم. الثاني- قال إبن جريج عن أبي أرطاء أنهم كانوا قصارين يبيضون الثياب. الثالث- قال قتادة، و الضحاك: لأنهم خاصة الأنبياء يذهب إلي نقاء قلوبهم كنقاء الأبيض بالتحوير.
و قد روي عن النبي (ص) أنه قال: الزبير إبن عمتي و حواري من أمتي.