التاء غير أنه قال هذه لغة قد ماتت. و قول: (وَ يَغفِر لَكُم) لا يجوز في القياس إدغام الراء في اللام کما جاز إدغام اللام في الراء في هل رأيت، لأن الراء مكررة، و لا يدغم الزائد في الناقص للإخلال به، و قياسها في ذلک قياس الضاد، لأنه يجوز هل ضربت بالإدغام و لا يجوز انقض له إلا بالإظهار لما في الضاد من الاستطالة، و قال الزجاج: روي عن أبي عمرو إدغام الراء في اللام، و غلظ عليه لأنه خطأ فاحش بإجماع علماء النحويين: الموثوق بهم، و أجاز الفراء إدغامها في اللام کما يجوز إدغام الياء في الميم.
قُل أَطِيعُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الكافِرِينَ (32)
آية بلا خلاف.
قال محمّد بن جعفر بن الزبير: نزلت هذه الآية في وفد نجران، و فيها دلالة علي بطلان مذهب المجبرة، لأنه قال لا يحب الكافرين و معني لا يحبهم لا يريد ثوابهم من أجل كفرهم، فاذن لا يريد كفرهم، لأنه لو أراده لم يكن نفي محبته لكفرهم، و الطاعة إتباع الداعي فيما دعا إليه بأمره أو إرادته، و لذلك قد يکون الإنسان مطيعاً للشيطان فيما يدعوه إليه، و إن لم يقصد أن يطيعه، لأنه إذا مال مع ما يجده في نفسه من الدعاء إلي المعصية، فقد أطاع الداعي إليها. فان قيل ما الفرق بين الطاعة و موافقة الارادة! قيل: موافقة الارادة قد تكون طاعة، و قد تكون غير طاعة إذا لم تقع موقع الداعي إلي الفعل نحو ارادتي، لأن يتصدق زيد بدرهم من غير أن يشعر بذلك، فلا يکون بفعله مطيعاً لي و لو فعله من أجل إرادتي لكان مطيعاً و كذلك لو أحسن بدعائي إلي ذلک فمال معه. و قوله: «فَإِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الكافِرِينَ» معناه أنه يبغضهم و لا يريد ثوابهم، فدل بالنفي علي الإثبات و کان ذلک أبلغ، لأنه لو قال إنه يبغضهم لجاز أن يتوهم أنه يبغضهم من وجه و يحبهم من وجه کما يعلم الشيء من وجه، و يجهل من وجه، فإذا قيل لا يعلمه