يعني أدلته و بيناته «فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الحِسابِ» و في الآخر سريع الحساب للجزاء.
فَإِن حَاجُّوكَ فَقُل أَسلَمتُ وَجهِيَ لِلّهِ وَ مَنِ اتَّبَعَنِ وَ قُل لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَ الأُمِّيِّينَ أَ أَسلَمتُم فَإِن أَسلَمُوا فَقَدِ اهتَدَوا وَ إِن تَوَلَّوا فَإِنَّما عَلَيكَ البَلاغُ وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِالعِبادِ (20)
آية بلا خلاف.
المعني بقوله: «فَإِن حَاجُّوكَ» نصاري نجران- علي قول جميع المفسرين- فان قيل: لم قال: «وَ مَنِ اتَّبَعَنِ» و لم يؤكد الضمير، فلم يقل: أسلمت أنا و لا يجوز أن يقول القائل قمت و زيد إلا بعد أن يقول قمت أنا و زيد! قيل: إنما جاز هاهنا لطول الكلام، فصار طوله عوضاً من تأكيد الضمير المتصل، و لو قال أسلمت و زيد لم يجز حتي يقول: أسلمت أنا و زيد، فإذا قال: أسلمت اليوم بانشراح صدري و من جاء معي حسن. فان قيل ما الحجة في قوله: «فَقُل أَسلَمتُ وَجهِيَ لِلّهِ»! قلنا فيه وجهان:
أحدهما- أنه أراد إلزامهم علي- ما أقروا به من أن اللّه خالقهم- اتباع أمره في «أَلّا تَعبُدُوا إِلّا إِيّاهُ»[1] فلذلك قال: «أَسلَمتُ وَجهِيَ لِلّهِ» أي انقدت لأمره في اخلاص التوحيد له.
الثاني- أنه ذكر الأصل ألذي يلزم جميع المكلفين الإقرار به لأنه لا ينتقض في ما يحتاج إلي العمل عليه في الدين ألذي هو طريق النجاة من العذاب إلي النعيم، و معني قوله: «وجهي» يريد نفسي و إنما أضاف الإسلام إلي الوجه، لأنه لما کان وجه الشيء أشرف ما فيه ذكر بدلا منه ليدل علي شرف الذكر. و مثله «كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ»[2] أي إلا هو. و قوله: (وَ قُل لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ)