بالإنفاق فيما رغب اللّه في الإنفاق فيه. «وَ المُستَغفِرِينَ بِالأَسحارِ» قال قتادة: هم المصلون بالأسحار. و قال أنس بن مالك: هم الّذين يسألون المغفرة، و هو الأظهر.
و الأول جائز أيضاً، لأنه قد تطلب المغفرة بالصلاة، کما تطلب بالدعاء.
و الاسحار: جمع سحر، و هو الوقت ألذي قبل طلوع الفجر. و أصله:
الخفاء، و سمي السحر، لخفاء الشخص فيه. و منه السحر، لخفاء سببه. و منه السحر الرئة لخفاء موضعها. و المسحر ألذي يأكل الطعام لخفاء مسالكه.
و روي عن أبي عبد اللّه أن من استغفر اللّه سبعين مرة في وقت السحر، فهو من أهل هذه الآية.
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ المَلائِكَةُ وَ أُولُوا العِلمِ قائِماً بِالقِسطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (18)
حقيقة الشهادة الاخبار بالشيء عن مشاهدة أو ما يقوم مقام الشهادة من الدلالات الواضحة، و الحجج اللائحة علي وحدانيته من عجيب خلقه، و لطيف حكمته في ما خلق. و قال أبو عبيدة: معني «شَهِدَ اللّهُ» قضي اللّه «أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ المَلائِكَةُ» شهود «وَ أُولُوا العِلمِ» و حكي عمرو بن عبيد عن الحسن، و روي ذلک في تفسيرنا أن في الآية تقديماً، و تأخيراً. و تقديرها «شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ قائِماً بِالقِسطِ» أي بالعدل، و شهد الملائكة أنه لا إله إلا هو قائماً بالقسط، و شهد أولوا العلم أنه لا إله إلا هو قائماً بالقسط. و أولوا العلم: هم المؤمنون.