و قوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ» يعني ميل يقال: أزاغه اللّه إزاغة أي أماله إمالة قال تعالي «فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللّهُ قُلُوبَهُم»[1] و منه قوله: «لا تُزِغ قُلُوبَنا»[2] و التزايغ التمايل في الأسنان. و المعني إن الّذين في قلوبهم ميل عن الحق اما بشك أو جهل فان كليهما زيغ «فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنهُ» و معناه يحتجون به في باطلهم «ابتِغاءَ الفِتنَةِ» و معناه طلباً للفتنة «وَ ابتِغاءَ تَأوِيلِهِ» و التأويل:
التفسير و أصله المرجع، و المصير من قولهم: آل أمره إلي كذا يؤول أولا: إذا صار إليه. و أولته تأويلا إذا صيرته إليه. و قوله: «وَ أَحسَنُ تَأوِيلًا»[3] قيل معناه أحسن جزاء، لأن أمر العباد يؤول إلي الجزاء. و أصل الباب: المصير «وَ ما يَعلَمُ تَأوِيلَهُ» يعني تفسيره «إِلَّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي العِلمِ» يعني الثابتون فيه تقول: رسخ الشيء رسوخاً إذا ثبت في موضعه. و أرسخته إرساخاً، کما أن الخبر يرسخ في الصحيفة، و رسخ الغدير إذا ذهب ماؤه، فنضب، لأنه ثبت وحده من غير ماء، و أصل الباب الثبوت.
و قال الربيع:4» نزلت هذه الآية في وفد نجران، لما حاجّوا النبي (ص) في المسيح، فقالوا: أ ليس هو كلمة اللّه و روح منه! فقال بلي، فقالوا: حسبنا، فأنزل اللّه تعالي (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنهُ) ثم أنزل (إِنَّ مَثَلَ عِيسي عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)«
و قال قتادة: بل کل من احتج بالمتشابه لباطله، داخل فيه، فمنهم الحرورية و السبابية، و غيرهم.