خلاف في الألم، لأن هذه طاعات يستحق بها الثواب. و بالإخلال بها- إذا كانت واجبة- يستحق العقاب، فلا يجري مجري الألم المحض. و الصبر واجب كوجوب العدل ألذي لا يجوز عليه الانقلاب- في الشرع- إذ الصبر حبس النفس عن القبيح من الأمر، و قد بينا فيما مضي ابتلاء اللّه تعالي العالم بالعواقب، فان المراد بذلك انه يعامل معاملة المبتلي، لأن العدل لا يصح إلا علي ذلک، لأنه لو أخذهم بما يعلم أنه يکون منهم، قبل ان يفعلوه، لكان ظلماً و جوراً، فبين اللّه بعد، أنه يعاملهم بالحق دون الظلم.
و الوقوف علي قوله: «وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ» حسن، و قال بعضهم: لا يحسن.
و ذلک غلط، من حيث كانت صفة مدح، و عامل الصفة في المدح غير عامل الموصوف، و إنما وجب ذلک، لأن صفة صابر صفة كصفة تقي، کما قال اللّه تعالي: «إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ»[1].
و الجوع: الحاجة الي الغذاء، و تختلف مراتبه في القوة و الضعف. و قد يقال:
جوع كاذب، لأنه يتخيل به الحاجة الي الغذاء لبعض الأمور العارضة من غير حقيقة.
و قوله تعالي: «وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ» فالتبشير في الأصل هو الاخبار بما يسرّ، أو نعمة، يتغير له الشره، غير انه كثر استعماله فيما يسرّ. و الصبر المحمود هو حبس النفس عما قبح من الأمر.
الَّذِينَ إِذا أَصابَتهُم مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ (156)
آية بلا خلاف.
في قوله: «إِنّا لِلّهِ» إقرار للّه بالعبودية «وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ» فيه إقرار