فيه ذهب إليه الكسائي، و الفراء، و أنكر ذلک أبو العباس، و الزجاج، لأنه لا يکون مبتدأ لا خبر له، و لا خبر إلا عن مخبر عنه، و أنشد الفراء[1]:
لعلّي إن مالت بي الريح ميلة علي إبن أبي ديان أن يتندما[2]
المعني لعل إبن أبي ديَّان أن يتندم، و هذا يجوز علي حذف أن يتندم لأجلي و قال أيضاً:
نحن بما عندنا و أنت بما عندك راض و الرأي مختلف[3]
و قال أبو عبيدة: نظير الآية قول شدّاد بن عنتر:
فمن يك سائلا عني فاني و حروة لا ترود و لا نعار
حروة اسم فرسه و إنما حذف الخبر من الأول، لأن خبر الثاني يدل عليه، لأنه أراد فاني حاضر، و فرسي حاضرة لا ترود، و لا نعار، فدل بقوله: لا ترود و لا نعار: علي أنها حاضرة بتوعد و تتهدد في قول أبي العباس.
و قوله: «يذرون» يتركون و ترك ماضيه يترك تركاً. و تقول ذره تركاً و كذلك يدع ليذر سواء، و العلة في ذلک أنهم كرهوا الواوات في أول الكلام حتي أنهم لم يلحقوها، أو علي جهة الزيادة أصلا، ففي رفض و ذر: دليل علي الكراهة لها أصلية، و ليس بعد الضعف إلا الاتباع فلما ضعفت أصلية امتنعت زيادة، فان قيل كيف قال و عشراً بالتأنيث و إنما العدة علي الأيام و الليالي، و لذلك لم يجز أن تقول: عندي عشر من الرجال و النساء. قيل لتغليب الليالي علي الأيام إذا اجتمعت في التاريخ، و غيره، لأن ابتداء شهور الأهلة الليالي منذ طلوع الهلال فلما كانت الأوائل غلبت، لأن الأوائل أقوي من الثواني و قال الشاعر: