و قوله: «فَإِن خِفتُم فَرِجالًا أَو رُكباناً»[1] نصب علي فصلّوا[2] و هو حال الصلاة خاصه لا حال معني فأنتم رجال أو ركبان، كيف تصرفت الحال. و يجوز- في العربية- فإخوانكم علي النصب علي تقدير: فإخوانكم تخالطون، و الوجه الرفع، لما بيناه.
و قوله: «وَ لَو شاءَ اللّهُ لَأَعنَتَكُم» معناه: التذكير بالنعمة في التوسعة علي ما توجبه الحكمة مع القدرة علي التضييق ألذي فيه أعظم المشقة، و الاعنات: الحمل علي مشقة لا تطاق فعلا. و عنت العظم عنتاً إذا أصابه وهن أو كسر، و أعنته إعناتاً إذا عسفه[3] بالحمل علي مكروه لا يطيقه. و عنت عنتاً إذا اكتسب مأثماً، و تعنته تعنتاً إذ لبس عليه في سؤاله له. و الاكمة العنوت: هي الطويلة من الآكام، و أصل الباب المشقة.
و قال البلخي: في هذه الآية دلالة علي فساد قول من قال: إنه تعالي لا يقدر علي الظلم، لأن الاعنات- بتكليف ما لا يجوز في الحكمة- مقدور له، إذ لو يشاء لفعله.
و قال الجبائي: لو أعنتم لكان جائزاً حسناً، لكنه تعالي وسع علي العباد، لما في التوسعة من تعجيل النعمة. و في الآية دلالة علي بطلان قول المجبرة[4] في البدل، و تكليف ما لا يطاق، أما البدل، فلأنهم يذهبون الي النهي عن الكفر الموجود في حالة بأن يکون الايمان بدلا منه، و هذا أعظم ما يکون من الاعنات، لأنه أمر له[5] بالمحال، و هو ليكن منك الايمان بدلا من الكفر الموجود في