ذكر جندب بن عبد اللّه، و عروة بن الزبير: أن هذه الآية نزلت في قصة عبد اللّه بن جحش و أصحابه لما قاتلوا في رجب، و قتل واقد التميمي بن الحضرمي، ظنّ قوم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجره، فأنزل اللّه الآية فيهم- بالوعد-.
و خبر «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا» الجملة الّتي هي قوله: (أُولئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللّهِ) أولئك ابتداء، و يرجون خبره، و الجملة خبر (إنّ).
و قوله: «وَ الَّذِينَ هاجَرُوا» فالهجر ضد الوصل، تقول: هجره يهجره هجراً، و هجراناً: إذا قطع مواصلته. و الهجر: ما لا ينبغي من الكلام، تقول: هجر المريض يهجر هجراً، لأنه قال ما لا ينبغي أن يهجر من الكلام، و ما زال ذلک هجيراه أي دأبه[1]. و الهاجرة: نصف النهار، و هجر القوم تهجيراً: إذا دخلوا في الهاجرة.
و سمي المهاجرون لهجرتهم قومهم، و أرضهم. و أهجرت الجارية إهجاراً: إذا شبت شباباً حسناً، فهي مهجرة، و يقال ذلک للناقة، و النخلة. و الهجار: حبل يشد به يد الفحل الي إحدي رجليه، لأنه يهجر بذلك التصرف و أصل الباب الهجر: قطع المواصلة.
و قوله تعالي: «و جاهدوا» تقول: جهدت الرجل جهداً: إذا حملته علي مشقة، و جاهدت العدّو مجاهدة إذا حملت نفسك علي المشقة في قتاله. و اجتهدت رأيً: إذا حملت نفسك علي المشقة في بلوغ صواب الرأي. و الجهاد: الإرض الصلبة، و أصل الباب الجهد: الحمل علي المشقة.
و قوله تعالي: «فِي سَبِيلِ اللّهِ» يعني قتال العدوّ، و يدخل في ذلک مجاهدة النفس.
و قوله «أُولئِكَ يَرجُونَ» فالرجاء الأمل، رجا يرجو رجاءً، و ترجّي