أن يکون ارتفاع قوله: «وَ صَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَ كُفرٌ» من أن يکون بالعطف علي الخبر ألذي هو «كبير» كأنه قال: قتال فيه كبير و صدّ و كفر: أي القتال، قد جمع أنه كبير، و أنه صدّ، و كفر. و يکون مرتفعاً بالابتداء، و خبره محذوف لدلالة «كبير» المتقدم عليه، كأنه قال: و الصد كبير، كقولك: زيد منطلق و عمرو، أو يکون مرتفعاً بالابتداء، و الخبر المظهر، فيكون الصدّ ابتداء، و ما بعد من قوله:
«وَ كُفرٌ بِهِ وَ ... إِخراجُ أَهلِهِ» مرتفع بالعطف علي الابتداء، و الخبر قوله: «أَكبَرُ عِندَ اللّهِ» قال: و لا يجوز الوجهان الأولان- و قد أجازهما الفراء- أما الوجه الأول، فلأن المعني يصير: قل: قتال فيه كبير و صدّ عن سبيل اللّه كبير، و القتال و إن کان كبيراً، و يمكن أن يکون صدّا، لأنه ينفر النّاس عنه، فلا يجوز أن يکون كفراً، لأن أحداً من المسلمين لم يقل ذلک، و لم يذهب إليه، فلا يجوز أن يکون خبر المبتدإ شيئاً لا يکون المبتدأ. و يمنع من ذلک أيضاً قوله بعد: «وَ إِخراجُ أَهلِهِ مِنهُ أَكبَرُ عِندَ اللّهِ» و محال أن يکون إخراج أهله منه أكبر من الكفر، لأنه لا شيء أعظم منه، و يمتنع الوجه الثاني أيضاً، لأن التقدير: فيه يکون قتال فيه كبير و كبير الصدّ عن سبيل اللّه و الكفر به، و كذلك مثله الفراء، و قدره، فإذا صار المعني:
و إخراج أهل المسجد الحرام أكبر عند اللّه من الكفر، فيكون بعض خلال الكفر أعظم منه كله، و إذا کان كذلك امتنع کما امتنع الأول و إذا امتنع هذان ثبت الوجه الثالث، و هو أن يکون قوله «وَ صَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ» ابتداء «وَ كُفرٌ بِهِ ...
وَ إِخراجُ أَهلِهِ» معطوفاً عليه «و أكبر» خبراً.
فيكون المعني: «وَ صَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ» أي منعهم لكم أيها المسلمون عن سبيل اللّه، و عن المسجد الحرام، و إخراجكم منه- و أنتم ولاته، و الّذين هم أحق به منهم- و كفر باللّه أكبر من قتاله في الشهر الحرام. قال الرماني، و الفراء: إن التخلص من التأويل الثاني أن تقول: إخراج أهله منه أكبر من القتل فيه، لا من الكفر، لأن المعني في إخراج أهله منه إخراج النبي (ص) و المؤمنين عنه. قال: