(لَظَلُّوا مِن بَعدِهِ يَكفُرُونَ) ليظلن و معني (لئن) غير معني (لو) في قول الجماعة. و إن قالوا إن الجواب متفق لأنهم لا يدفعون أن معني (لئن) ما يستقبل و معني (لو): ما مضي و حقيقة معني (لو) أنها يمتنع بها الشيء لامتناع غيره. كقولك لو أتيتني لأكرمتك أي لم تأتني فلم أكرمك، فامتنع الإكرام، لامتناع الإتيان. و معني (إن) (و لئن) انما يقع بهما الشيء لوقوع غيره تقول: إن تأتني أكرمك، فالاكرام يقع بوقوع الإتيان و قال بعضهم: إن کل واحدة منهما علي موضعها، و انما لحق في الجواب هذا التداخل، لدلالة اللام علي معني القسم، فجاء الجواب بجواب القسم، فاغني عن جواب الجزاء لدلالته عليه، لان معني لظلوا ليظلن و هذا هو معني قول سيبويه. و يجوز أن تقول: إن أتيتني لم أجفك، و لا يجوز أن تقول: إن اتيتني ما حفوتك، لان (ما) منفصلة (و لم) كجزء من الفعل. ألا تري أنه يجوز ان تقول: زيداً لم أضرب، و لا يجوز زيداً ما ضربت.
و انما يجاب الجزاء بالفعل أو الفاء، فإذا تقدم لام القسم جاز، فقلت لئن أتيتني ما جفوتك.
فان قيل: كيف قال (وَ لَئِن أَتَيتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبلَتَكَ) و قد آمن منهم خلق! قلنا عن ذلک جوابان:
أحدهما- قال الحسن: إن المعني أن جميعهم لا يؤمن، و هو اختيار الجبائي.
و الثاني- أن ذلک مخصوص لمن کان معانداً من أهل الكتاب دون جميعهم الّذين وصفهم اللّه، فقال «يَعرِفُونَهُ كَما يَعرِفُونَ أَبناءَهُم» اختاره البلخي و الزجاج. و هذه الآية دالة علي فساد قول من قال: لا يکون الوعيد بشرط، و علي فساد قول من قال بالموافاة، و إن من علم اللّه أنه يؤمن لا يستحق العقاب أصلا، لأن اللّه تعالي علق الوعيد بشرط يوجب أن يکون متي تحصل الشرط تحصل استحقاق العقاب، و فيها دليل علي فساد قول من قال: إن الوعيد لا يقع لمن علم أنه لا يعصي، لأن اللّه تعالي علم من حال الرسول أنه لا يتبع أهواءهم و مع هذا يوعده إن اتبع أهواءهم. و في الآية دلالة علي