روي عن الحسن: أنّ سائلا سأل النبي (ص) أ قريب ربّنا فتناجيه أم بعيد فتناديه، فنزلت الآية. قال قتادة: نزلت جواباً لقوم سألوا النبي (ص) كيف تدعو.
و قوله تعالي: «وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ» معناه: إن اقتضت المصلحة إجابته، و حسن ذلک، و لم تكن فيه مفسدة[1]. فأما أن يکون قطعاً لكل من يسأل فلا بد أن يجيبه، فلا. علي أن الداعي لا يحسن منه السؤال إلا بشرط ألّا يکون في إجابته مفسدة، لا له، و لا لغيره، و إلّا کان الدعاء قبيحاً. و لا يجوز أن يقيد الاجابة بالمشيئة بأن يقول: إن شئت، لأنه يصير الوعد به لا فائدة فيه، فمن أجاز ذلک فقد أخطأ. فان قيل: إذا کان لا يجيب کل من دعا، فما معني الآية! قلنا معناه أن من دعا- علي شرائط الحكمة الّتي قدمناها، و اقتضت المصلحة إجابته- أجيب لا محالة، بان يقول: اللهم افعل بي كذا إن لم يكن فيه مفسدة لي أو لغيري في الدين[2] أو دنيوي. هذا في دعائه.
و في النّاس من قال: إن اللّه وعد باجابة الدعاء عند مسألة المؤمنين دون الكفار، و الفاسقين. و المعتمد هو الاول. فان قيل: إذا کان ما تقتضيه الحكمة لا بد أن يفعل به، فلا معني للدعاء؟ قلنا عنه جوابان:
أحدهما- أن ذلک عبادة كسائر العبادات. و مثله قوله: «رَبِّ احكُم بِالحَقِّ».
و الثاني- انه لا يمتنع أن تقتضي المصلحة إجابته إذا دعا. و متي لم يدع لم تقتض الحكمة إجابته.
فان قيل: هل يجوز أن تكون الاجابة غير ثواب! قلنا فيه خلاف. قال