يوم القيامة ‌ألذي‌ يعلم‌ سركم‌ و علانيتكم‌ و ظاهركم‌ و باطنكم‌، ‌لا‌ يخفي‌ ‌عليه‌ شي‌ء ‌من‌ أحوالكم‌ (فَيُنَبِّئُكُم‌) ‌ أي ‌ يخبركم‌ «بِما كُنتُم‌ تَعمَلُون‌َ» ‌في‌ دار الدنيا و يجازيكم‌ بحسبها ‌علي‌ الطاعة بالثواب‌ و ‌علي‌ المعاصي‌ بالعقاب‌، ‌ثم‌ خاطب‌ المؤمنين‌ ‌فقال‌ (يا أَيُّهَا الَّذِين‌َ آمَنُوا إِذا نُودِي‌َ لِلصَّلاةِ مِن‌ يَوم‌ِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلي‌ ذِكرِ اللّه‌ِ) معناه‌ ‌إذا‌ سمعتم‌ أذان‌ يوم الجمعة فامضوا ‌إلي‌ الصلاة. ‌قال‌ قتادة: معناه‌ امضوا ‌إلي‌ الصلاة مسرعين‌ ‌غير‌ متثاقلين‌ و ‌به‌ ‌قال‌ ‌إبن‌ زيد و الضحاك‌. و ‌قال‌ الزجاج‌: المعني‌ فامضوا ‌إلي‌ السعي‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ الاسراع‌ ‌قال‌ و قرأ ‌إبن‌ مسعود (فامضوا) ‌إلي‌ ذكر اللّه‌ ‌ثم‌ ‌قال‌: ‌لو‌ علمت‌ الاسراع‌ لأسرعت‌ ‌حتي‌ يقع‌ ردائي‌ ‌عن‌ كتفي‌. ‌قال‌: و كذلك‌ ‌کان‌ يقرأ (وَ أَن‌ لَيس‌َ لِلإِنسان‌ِ إِلّا ما سَعي‌ وَ أَن‌َّ سَعيَه‌ُ سَوف‌َ يُري‌)[1] يريد مضي‌ ‌فيه‌ دون‌ الاسراع‌. و مثله‌ ‌قوله‌ (إِن‌َّ سَعيَكُم‌ لَشَتّي‌)[2] و فرض‌ الجمعة لازم‌ ‌علي‌ جميع‌ المكلفين‌ ‌إلا‌ صاحب‌ العذر: ‌من‌ سفر ‌او‌ مرض‌ ‌او‌ عمي‌ ‌او‌ عرج‌ ‌او‌ آفة و ‌غير‌ ‌ذلک‌. و عند اجتماع‌ شروط و ‌هي‌:

كون‌ سلطان‌ عادل‌ ‌او‌ ‌من‌ نصبه‌ السلطان‌ للصلاة، و تكامل‌ العدد‌-‌ عندنا‌-‌ سبعة، و عند قوم‌ أربعين‌. و عند آخرين‌ أربعة، و ثلاثة. و ‌قد‌ بينا الخلاف‌ ‌في‌ ‌ذلک‌ ‌في‌ (خلاف‌ الفقهاء).

و ظاهر ‌الآية‌ متوجه‌ ‌إلي‌ المؤمنين‌ و إنما يدخل‌ ‌فيه‌ الفاسق‌ ‌علي‌ التغليب‌، ‌کما‌ يغلب‌ المذكر ‌علي‌ المؤنث‌، ‌هذا‌ ‌علي‌ قول‌ ‌من‌ يقول‌ ‌إن‌ الفاسق‌ ليس‌ بمؤمن‌. فأما ‌من‌ ‌قال‌: إنه‌ مؤمن‌ ‌مع‌ كونه‌ فاسقاً، فالآية متوجهة اليهم‌ كلهم‌. و ‌قال‌ مجاهد و سعيد ‌إبن‌ المسيب‌: المراد بالذكر موعظة الامام‌ ‌في‌ خطبته‌. و ‌قال‌ غيرهما: يعني‌ الصلاة ‌الّتي‌ ‌فيها‌ ذكر اللّه‌.

و ‌قوله‌ (وَ ذَرُوا البَيع‌َ) معناه‌ ‌إذا‌ دخل‌ وقت‌ الصلاة اتركوا البيع‌ و الشراء