منه قبيح. و قد اختارهم الله علي ما في المعلوم منهم و قيل: هم غلاظ شداد يعذبون علي قدر قواهم بأنواع العذاب. و قال الجبائي قوله «لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم وَ يَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَ» يعني- في دار الدنيا- لان الآخرة ليست دار تكليف. و إنما هي دار جزاء. و إنما أمرهم الله بتعذيب اهل النار علي وجه الثواب لهم بأن جعل سرورهم و لذاتهم في تعذيب أهل النار، کما جعل سرور المؤمنين و لذاتهم في الجنة.
ثم حكي ما يقال للكفار يوم القيامة فان الله تعالي يخاطبهم فيقول «يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا» نعمتي و جحدوا ربوبيتي و أشركوا في عبادتي من لا يستحقها، و كذبوا أنبيائي و رسلي «لا تَعتَذِرُوا اليَومَ» فان اليوم دار جزاء لا دار توبة و اعتذار «إِنَّما تُجزَونَ» علي قدر «ما كُنتُم تَعمَلُونَ» في الدنيا علي الطاعات بالثواب و لا طاعة معكم، و علي المعاصي بالعقاب و دخول النار، و أنتم مستحقون لذلك.
ثم عاد الي خطاب المؤمنين في دار التكليف فقال «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَي اللّهِ» من معاصيه و أرجعوا إلي طاعته «تَوبَةً نَصُوحاً» أي توبة خالصة لوجه اللّه. فمن قرأ- بضم النون- و هو أبو بكر عن عاصم أراد المصدر، و من فتح النون جعله صفة للتوبة و نعتاً لها. و التوبة النصوح هي الّتي يناصح فيها الإنسان نفسه بإخلاص الندم مع العزم علي ألا يعود إلي مثله في القبح. و قوله «عَسي رَبُّكُم أَن يُكَفِّرَ عَنكُم سَيِّئاتِكُم» معناه متي تبتم توبة نصوحاً كفر الله عنكم سيئاتكم، و غفر لكم فان (عسي) من الله واجبة «وَ يُدخِلَكُم جَنّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ» مضافاً إلي تكفير السيئات و العفو عنها «يَومَ لا يُخزِي اللّهُ النَّبِيَّ» و لا يخزي «الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ» أي لا يذلهم و لا يعاقبهم بل يعزهم بإدخال الجنة.
ثم وصف النبي صلي اللّه عليه و آله و المؤمنين معه فقال «يَسعي نُورُهُم بَينَ أَيدِيهِم وَ بِأَيمانِهِم» قال إبن عباس: معناه يسعي نور كتابهم ألذي فيه البشري «يَقُولُونَ رَبَّنا» في