و قد تب. و قيل: إنه جواب لقول أبي لهب: تباً لهذا من دين، حين
نادي النبي صلي اللّه عليه و آله بني عبد المطلب، فلما اجتمعوا له قال لهم: إن اللّه بعثني إلي النّاس عاماً و إليكم خاصاً، و أن اعرض عليكم ما إن قبلتموه ملكتم به العرب و العجم، قالوا و ما ذلک يا محمّد صلي اللّه عليه و آله قال: أن تقولوا لا إله إلا اللّه و اني رسول اللّه. فقال أبو لهب تباً لهذا من دين. فأنزل اللّه تعالي قوله «تَبَّت يَدا أَبِي لَهَبٍ»
و التباب الخسران المؤدي إلي الهلاك تبه يتب تباً، و التباب الهلاك. و في «تَبَّت يَدا» مع أنه إخبار ذم لابي لهب لعنة اللّه، و إنما قال: تبت يداه و لم يقل: تب، مع انه هو الهالك في الحقيقة لأنه جار مجري قوله كسبت يداه، لأن اكثر العمل لما کان باليدين أضيف ذلک اليهما علي معني الخسران ألذي أدي اليه العمل بهما.
و قوله «ما أَغني عَنهُ مالُهُ وَ ما كَسَبَ» معناه ما نفعه ماله و لا ألذي كسبه من الأموال، و لا دفع عنه عقاب اللّه حين نزل به، فالاغناء عنه الدفع عنه، فأما الإغناء بالمال و نحوه فهو دفع وقوع المضارّ به.
و قوله «سَيَصلي ناراً ذاتَ لَهَبٍ» خبر من اللّه تعالي أن أبا لهب سيصلي ناراً ذات لهب، و هي نار جهنم المتلهبة. و في ذلک دلالة علي صدق النبي صلي اللّه عليه و آله، لأنه اخبر بأنه يموت علي كفره، و کان الأمر علي ذلک.
و قوله «وَ امرَأَتُهُ حَمّالَةَ الحَطَبِ» قال إبن عباس و الضحاك و إبن زيد: إن امرأة أبي لهب كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق النبي صلي اللّه عليه و آله إذا خرج إلي الصلاة