قرأ ابو عمرو و حمزة و الكسائي (ولي دين) ساكنة الياء. الباقون بفتحها من فتح الياء فلخفة الفتحة. و من أسكنها فانه كره الحركة علي حرف العلة. و قرأ (ديني) بياء في الحالين يعقوب. الباقون بلا ياء فيهما. من أثبت الياء، فلأنها الأصل. و من حذفها اجتزأ بالكسرة الدالة عليها. و قيل: إن هذه السورة نزلت جواباً لقول جماعة من المشركين دعوا النبي صلي اللّه عليه و آله إلي أن يعبد آلهتهم سنة و يعبدوا هم إلهه سنة. و فيهم نزل قوله «أَ فَغَيرَ اللّهِ تَأمُرُونِّي أَعبُدُ أَيُّهَا الجاهِلُونَ»[1] هذا قول إبن عباس. و قيل: إنهم قالوا: نشركك في أمرنا، فان کان ألذي في أيدينا خيراً كنت قد أخذت بحظ منه، و إن کان ألذي في يدك خيراً قد أخذنا بحظ منه. و قيل: إن ألذي قال ذلک الوليد إبن المغيرة و العاص إبن وائل و الأسود إبن المطلب و أمية إبن خلف. و قيل: إنهم قالوا: نتداول العبادة ليزول ما بيننا من البغضاء و العداوة، فأمر اللّه تعالي نبيه صلي اللّه عليه و آله أن يقول لهم «لا أَعبُدُ ما تَعبُدُونَ وَ لا أَنتُم عابِدُونَ ما أَعبُدُ» و معناه لا أعبد ما تعبدون لفساد عبادة الأوثان، و لا أنتم عابدون ما أعبد لجهلكم بوجوب اخلاص العبادة للّه، لان العقل يقتضي أنه صلي اللّه عليه و آله لهذا امتنع و امتنعوا. و إنما كرر ذكر العبادة لتصريفها في الفوائد المختلفة و قد نفي عبادة المؤمن للوثن كيف تصرفت الحال في ماض أو حاضر أو مستقبل لقبحها، و نفي عبادة الكافر للّه مع إقامته علي الجهل بوجوب إخلاص العبادة له.
و قيل: في وجه التكرير في السورة أن ظاهر ذلک و إن کان تكريراً، فليس في الحقيقة تكريراً أصلا، و لا تكرير في اللفظ إلا في موضع واحد سنبينه بعد بيان المعني إن شاء اللّه، و ذلک أن قوماً من المشركين سألوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مناقلة العبادة سنة يعبدون فيها ما يعبده صلي اللّه عليه و آله و سنة يعبد هو ما يعبدون لزوال العادة بوقوع العبادة