و قرأ إبن عامر و الكسائي «لترون» مضمومة التاء «ثم لترونها» مفتوحة التاء.
الباقون بالفتح فيهما، قال أبو علي: وجه الضم أنهم يحشرون اليها فيرونها في حشرهم إليها فيرونها، و لذلك قرأ الثانية بالفتح، كأنه أراد لترونها. و من فتح فعلي انهم يرونها. و قوله «ثُمَّ لَتَرَوُنَّها» مثل الأول في أنه من إبصار العين، و قيل: إن هذه السورة نزلت في حيين من قريش، و هما بنو أسهم و بنو عبد مناف، تفاخروا حتي ذكروا الأموات، فقال اللّه تعالي مخاطباً لهمذلککه «أَلهاكُمُ التَّكاثُرُ» فالالهاء الصرف إلي اللهو و اللهو الانصراف إلي ما يدعو اليه الهوي، يقال: لها يلهو لهواً، و لهي عن الشيء يلهي لهياً، و منه قوله (إذا استأثر اللّه بشيء فاله عنه) و التكاثر التفاخر بكثرة المناقب، يقال: تكاثروا إذا تعادّوا ما لهم من كثرة المناقب، و المتفاخر متكبر لأنه تطاول بغير حق. فالتكاثر التباهي بكثرة المال و العدد. و قيل: ما زالوا يتباهون بالعز و الكثرة حتي صاروا من أهل القبور و ماتوا- ذكره قتادة-.
و قوله «حَتّي زُرتُمُ المَقابِرَ» فالزيارة إتيان الموضع، كإتيان المأوي في الالفة علي غير اقامة، زاره يزوره زيارة، و منه زوّر تزويراً إذا شبه الخط في ما يوهم أنه خط فلان و ليس به، و المزورة من ذلک اشتقت. و قيل في معناه قولان: أحدهما حتي ذكرتم الأموات. و قال الحسن: معناه حتي متم.
و
قوله «كَلّا سَوفَ تَعلَمُونَ ثُمَّ كَلّا»
معناه ارتدعوا و انزجروا «سَوفَ تَعلَمُونَ» في القبر «ثُمَّ كَلّا سَوفَ تَعلَمُونَ» بعد الموت-علي روي ذلک عن علي عليه السلام
- و قيل إنه يدل علي عذاب القبر.
و قوله «كَلّا لَو تَعلَمُونَ عِلمَ اليَقِينِ» نصب «عِلمَ اليَقِينِ» علي المصدر، و معناه ارتدعوا و انزجروا، لو تعلمون علم اليقين، و هو ألذي يثلج الصدر بعد اضطراب الشك و لهذا لا يوصف اللّه بأنه متيقن.