للتعظيم بتطهير صفاته من کل صفة نقص «العَزِيزِ» معناه القادر ألذي لا يقهر و لا يغلب «الحَكِيمِ» في جميع أفعاله.
و قوله «هُوَ الَّذِي بَعَثَ» يعني اللّه ألذي وصفه بالصفات المذكورة هو ألذي أرسل «فِي الأُمِّيِّينَ» قال قتادة و مجاهد: الأميون العرب. و قال قوم: هم أهل مكة، لأنها تسمي أم القري، و الامي منسوب إلي انه ولد من أمه لا يحسن الكتابة. و وجه النعمة في جعل النبوة في أمي موافقة ما تقدمت البشارة به في كتب الأنبياء السالفة، و لما فيه من انه أبعد من توهم الاستعانة علي ما أتي به من الحكمة.
و قوله «رسولا» مفعول «بعث» و «منهم» يعني من سميتهم الأميين و من جملتهم «يَتلُوا عَلَيهِم» أي يقرأ عليهم «آياتِهِ» أي حججه و بيناته من القرآن و غيرها «وَ يُزَكِّيهِم» أي و يطهرهم من دنس الشرك بما يهديهم إلي الايمان فيجعلهم أزكياء. و إنما يجعلهم كذلك بأن يدعوهم إلي طاعة اللّه الّتي يقع فيها الاجابة لأنه لو دعاهم و لم يجيبوا لما قيل: إنه زكاهم، «وَ يُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ» قال قتادة:
يعلمهم القرآن و السنة، و الحكمة تعم الكتاب و السنة، و کل ما أراده اللّه، فان الحكمة هي العلم ألذي يعمل عليه فيما يخشي او يحبب من أمر الدين و الدنيا. «وَ إِن كانُوا مِن قَبلُ» يعني من قبل أن يبعث فيهم و يتلو عليهم القرآن «لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ» أي في عدول عن الحق جائرين عن الصراط المستقيم مبين أي ظاهر.
و قوله «وَ آخَرِينَ مِنهُم لَمّا يَلحَقُوا بِهِم» قال إبن زيد و مجاهد: هم کل من بعد الصحابة إلي يوم القيامة، فان اللّه بعث النبي منهم و شريعته تلزمهم، و إن لم يلحقوا بزمان الصحابة. «و آخرين» نصب علي تقدير و يزكي آخرين منهم، لما يلحقوا بهم. و يجوز ان يکون جرّاً، و تقديره هو ألذي بعث في الأميين و في آخرين، «وَ هُوَ العَزِيزُ» ألذي لا يغالب «الحَكِيمُ» في جميع أفعاله و ما يأمر به.