يختلفوا في الوقف أنه بالهاء و معني (القارعة) البلية الّتي تقرع القلب بشدة المخافة تقول: قرع يقرع قرعاً و هو الصوت بشدة اعتماد، و منه انشقت القرعة، و تقارع القوم في القتال إذا تضاربوا بالسيوف، و قرع رأسه إذا ضرب في أعلي الشعر حتي يذهبه، و القرعة كالضرب بالفال. و قال وكيع: القارعة، و الواقعة، و الحاقة القيامة.
و قوله «وَ ما أَدراكَ مَا القارِعَةُ» تعظيم لشأنها، و تفخيم لأمرها و تهويل لشدتها. و معناه و أي شيء القارعة، و معناه إنك يا محمّد صلي اللّه عليه و آله لا تعلم كبر وصفها و حقيقة أمرها علي التفصيل و إنما تعلمها علي طريق الجملة. ثم وصفها اللّه تعالي فقال «يَومَ يَكُونُ النّاسُ كَالفَراشِ المَبثُوثِ وَ تَكُونُ الجِبالُ كَالعِهنِ المَنفُوشِ» و المعني إن القارعة الّتي وصفها و ذكرها تقرع القلوب يوم تكون النّاس بهذه الصفة. و الفراش الجراد ألذي ينفرش و يركب بعضه بعضاً، و هو غوغاء الجراد- في قول الفراء- و قال ابو عبيدة: هو طير يتفرش و ليس بذباب، و لا بعوض. و قال قتادة: الفراش هو هذا الطير ألذي يتساقط في النار و السراج. و المبثوث المتفرق في الجهات، كأنه محمول علي الذهاب فيها، يقال: بثه يبثه إذا فرقه، و أبثثته الحديث إذا ألفيته اليه، كأنك فرقته بأن جعلته عند اثنين.
و قوله «وَ تَكُونُ الجِبالُ كَالعِهنِ المَنفُوشِ» فالعهن الصوف الألوان- في قول أبي عبيدة- قال زهير:
كأن فتات العهن في کل منزل نزلن به حب الفنا لم يحطم[1]
و يقال: عهن و عنهة. و قيل: إن الخلائق لعظم ما يرونه من الأهوال و يغشاهم من العذاب يهيم کل فريق علي وجهه، و يذهب في غير جهة صاحبه.
و قوله «فَأَمّا مَن ثَقُلَت مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ» قال الفراء الموازين