و قالت له العينان سمعاً و طاعة[1]
و يقولون عيناك تشهد لسهرك، و غير ذلک مما قد مضي نظائره. و قال إبن مسعود: الإرض تتكلم يومئذ، فتقول أمرني اللّه بهذا. و قوله «بِأَنَّ رَبَّكَ أَوحي لَها» معناه إن الإرض تحدث بهذا، فتقول: إن ربك يا محمّد أوحي اليها.
قال العجاج:
وحي لها القرار فاستقرت[2]
أي أوحي اليها بمعني القي إليها من جهة تخفي يقال: أوحي و وحي بمعني واحد، ثم قال تعالي «يَومَئِذٍ يَصدُرُ النّاسُ أَشتاتاً لِيُرَوا أَعمالَهُم» اخبار من اللّه تعالي بأن ذلک اليوم يصدر النّاس اشتاتاً أي مختلفين «لِيُرَوا أَعمالَهُم» أي ليجازوا علي أعمالهم او ليريهم اللّه جزاء أعمالهم، و قيل: معني رؤية الأعمال المعرفة بها عند تلك الحال، و هي رؤية القلب، و يجوز أن يکون التأويل علي رؤية العين بمعني ليروا صحائف أعمالهم يقرؤن ما فيها لقوله «و قالوا ما لِهذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلّا أَحصاها» و قيل ليروا جزاء أعمالهم حسب ما قدمناه، و قيل يري الكافر حسناته فيتحسر عليها، لأنها محبطة، و يري المحسن سيئاته مكفرة و حسناته مثبتة ثم قال تعالي علي وجه الوعيد «فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ وَ مَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» قال ابو عبيدة: مثقال ذرة شراً يره أي يري ما يستحق عليه من العقاب، و يمكن أن يستدل بذلك علي بطلان الإحباط، لان عموم الآية يدل أنه لا يفعل شيئاً من طاعة أو معصية إلا و يجازي عليها و علي مذهب القائلين بالإحباط بخلاف ذلک، فان ما يقع محبطاً لا يجازي عليه و لا يدل علي أنه لا يجوز