إبن عباس: يعني بعذابها أي بعذاب الطاغية فأتاها ما كذبت به. و قال مجاهد: بمعصيتها- و هو قول إبن زيد- و هو وجه التأويل، و الطغوي و الطغيان مجاوزة الحد في الفساد و بلوغ غايته، تقول: طغي يطغي إذا جاوز الحد، و منه قوله «لَمّا طَغَي الماءُ»[1] أي لما تجاوز المقدار علي ما جرت به العادة و كثر. و قوله «إِذِ انبَعَثَ أَشقاها» أي کان تكذيبها حين انبعث أشقي ثمود، و قيل اسمه قدار بن سالف.
و قال قوم: عقر الناقة هو تكذيبهم. و قيل: لا، بل هو غيره. و قيل: كانوا أقروا بأن لها شرباً و لهم شرب غير مصدقين بأنه حق. و الشقاء شدة الحال في مقاساة الآلام، فالاشقا هو الأعظم شقاء، و نقيض الشقاء السعادة، و نقيض السعود النحوس يقال: شقي يشقي شقاء، فهو شقي نقيض سعيد، و أشقاه اللّه اشقاء.
و قوله «فَقالَ لَهُم رَسُولُ اللّهِ» يعني صالحاً، فانه قال لهم: ناقة اللّه و تقديره فاحذروا ناقة اللّه، فهو نصب علي الإغراء کما تقول: الأسد الأسد، أي احذره «وَ سُقياها» فالسقاء الحظ من الماء. و هو النصيب منه، کما قال تعالي «لَها شِربٌ وَ لَكُم شِربُ يَومٍ مَعلُومٍ»[2] و السقي التعريض للشرب.
و قوله «فَكَذَّبُوهُ» أي كذب قوم صالح صالحاً و لم يلتفتوا إلي قوله، «فَعَقَرُوها» يعني الناقة. فالعقر قطع اللحم بما يسيل الدم عقره يعقره عقراً فهو عاقر، و منه عقر الحوض و هو أصله، و العقر نقض الشيء عن أصل بنية الحيوان، و عاقر الناقة أحمر ثمود، و هم يروه و كلهم رضوا بفعله. فعمهم البلاء بأن عاقبهم اللّه تعالي لرضاهم بفعله. و قوله «فَدَمدَمَ عَلَيهِم رَبُّهُم بِذَنبِهِم فَسَوّاها» معناه أهلكهم اللّه تعالي عقوبة علي ذنبهم من تكذيب صالح و عقر الناقة. و قيل: معني دمدم عليهم دمر