(فَصُرهُنَّ إِلَيكَ)[1] أي املهن اليك، و لو كانت بنية من غير ممايلة لم يكن صورة. و قال مجاهد: معناه (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) من شبه أب أو أم او خال او عم.
و قال قوم: معناه في أي صورة ما شاء ركبك من ذكر او أنثي و جسيم او نحيف و طويل او قصير و مستحسن أو مستقبح، و من قال: الإنسان غير هذه الجملة أستدل بقوله (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) قالوا لأنه بين أنه يركب القابل في أي صورة شاء، فدل علي أنه غير الصورة. و قد بينا القول في تأويل ذلک، علي أن عندهم أن ذلک الحي لا يصح عليه التركب و اللّه تعالي بين أنه يركبه كيف شاء، و في أي صورة شاء و ذلک خلاف مذهبهم.
ثم قال (كَلّا بَل تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) و معني (كلا) الردع و الزجر أي ارتدعوا و انزجروا، و قيل: معناه حقاً بل تكذبون معاشر الكفار بالدين ألذي هو الجزاء من الثواب و العقاب لانكاركم البعث و النشور- ذكره مجاهد و قتادة- و قيل: بل تكذبون بالدين ألذي جاء به محمّد صلي الله عليه و آله ثم قال مهدداً لهم (وَ إِنَّ عَلَيكُم لَحافِظِينَ) يعني من الملائكة يحفظون عليكم ما تعملون من الطاعة و المعصية. ثم وصفهم فقال (كِراماً كاتِبِينَ يَعلَمُونَ ما تَفعَلُونَ) أي لا يخفي عليهم شيء من ألذي تعملونه فيثبتون ذلک كله. و قيل: إن الملائكة تعلم ما يفعله العبد إما باضطرار کما تعلم أنه يقصد إلي خطابنا و أمرنا و نهينا و إما باستدلال إذا رآه و قد ظهر منه الأمور الّتي لا تكون إلا عن علم و قصد من نحو التحري في الوزن و الكيل، و رد الوديعة و قضاء الدين مما يتعمد فيه أهل الحقوق دون غيرهم، و قال الحسن: يعلمون ما تفعلون من الظاهر دون الباطن. و قيل: بل هو علي ظاهر العموم لان اللّه تعالي يعلمهم إياه.