ثلاث عشرة آية.
يقول اللّه تعالي «كَلّا» أي ليس الأمر ينبغي أن يکون علي هذا، و قوله «إِنَّها تَذكِرَةٌ» أي كلا إن السورة تذكرة «فَمَن شاءَ ذَكَرَهُ» أي التنزيل أو الوعظ.
و قال قوم: الهاء عماد، و المبتدأ محذوف و تقديره إنها هي تذكرة. و التذكرة حضور الموعظة ففيها أعظم الفائدة و في الغفلة اكبر الآفة.
و الفرق بين التذكرة و المعرفة أن التذكرة ضد الغفلة و المعرفة تضاد الجهل و السهو، فكلاهما يتعاقبان علي حال الذكر دون السهو، كتعاقب العلم و أضداده علي حال الذكر دون السهو، و الذكر معظم، لأنه طريق إلي العلم بالحق من الباطل و الصحيح من الفاسد. و قيل: إن قوله «كلا» دال علي أنه ليس له ان يفعل ذلک في ما يستأنف. فاما الماضي فلم يدل علي انه معصية، لأنه لم يتقدم النهي عنه.
و قوله «فَمَن شاءَ ذَكَرَهُ» دليل علي بطلان مذهب المجبرة في أن القدرة مع الفعل، و أن المؤمن لا قدرة له علي الكفر، و أن الكافر لا يقدر علي الايمان، لأنه تعالي بين أن من شاء ان يذكره ذكره، لأنه قادر عليه.
و قوله «فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ» أي ما ذكرناه تذكرة في صحف مكرمة أي معظمة مبجلة، و وصفت الصحف بأنها مكرمة تعظيماً لما تضمنته علي الحكمة. و قوله «مَرفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ» أي مصونة عن ان تنالها أيدي الكفار الانجاس. و قال الحسن:
مطهرة من کل دنس. و قوله «مَرفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ» أي رفعها اللّه عن دنس الانجاس و نزهها عن ذلک. و قوله «بِأَيدِي سَفَرَةٍ» قيل السفرة ملائكة موكلون بالاسفار من كتب اللّه. و السفرة الكتبة لاسفار الحكمة، واحدهم سافر، كقولك كاتب