و إن كانت معه القدرة علي الحقيقة. و قال غيره: ليس بناسخ، و إنما هو مبين لإمكان العمل بهما جميعاً. و هو الصحيح، لأن تقديره: اتقوا اللّه حق تقاته فيما استطعتم و قوله «وَ اسمَعُوا» أي اصغوا إلي ما يأمركم اللّه به «وَ أَطِيعُوا» فيما آمركم به «وَ أَنفِقُوا» فيما أمركم بالإنفاق فيه من الزكاة و الإنفاق في سبيل اللّه و غير ذلک «خَيراً لِأَنفُسِكُم» انتصب (خَيراً) بفعل محذوف يدل عليه (أَنفِقُوا) و تقديره و أنفقوا الإنفاق خيراً لأنفسكم، و مثله انتَهُوا خَيراً لَكُم، و هو كقولهم: و ذاك أوسع لك لأنك إذا أمرته بشيء فهو مضمن بأن يأتي خيراً له.
و قوله «وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ» أي من منع و وقي شح نفسه. و الشح منع الواجب في الشرع. و قيل: الشح منع النفع علي مخالفة العقل لمشقة البذل، و مثله البخل يقال: شح يشح شحاً فهو شحيح و شحاح. و قال إبن مسعود: من الشح أن تعمد الي مال غيرك فتأكله.
و قوله «فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ» معناه إن من وقي شح نفسه و فعل ما أوجبه اللّه عليه فهو من جملة المنجحين الفائزين بثواب اللّه. و قوله «إِن تُقرِضُوا اللّهَ قَرضاً حَسَناً» و القرض أخذ قطعة من المال بتمليك الآخذ له علي رد مثله و أصله القطع: من قرض الشيء يقرضه قرضاً إذا قطع منه قطعة. و ذكر القرض في صفة اللّه تلطفاً في الاستدعاء إلي الإنفاق في سبيل اللّه، و هو كالقرض في مثله مع أضعافه. و لا يجوز أن يملك اللّه- عز و جل- لأنه مالك للأشياء من غير تمليك و لأن المالك لا يملك ما هو مالكه. و قوله «يُضاعِفهُ لَكُم» أي يضاعف ثوابه لكم بأمثاله. و من قرأ «يضعفه» بالتشديد، فلان اللّه تعالي بذل بالواحد عشرة إلي سبعين و سبعمائة «وَ يَغفِر لَكُم» أي و يستر عليكم ذنوبكم و لا يفضحكم بها «وَ اللّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ» أي يجازي علي الشكر «حليم» لا يعاجل العباد بما يستحقونه من العقاب. و قوله