«الَّذِي هُم فِيهِ مُختَلِفُونَ» قال قتادة: معناه ألذي هم فيه بين مصدق و مكذب، فقال اللّه سبحانه مهدداً لهم و متوعداً «كَلّا سَيَعلَمُونَ ثُمَّ كَلّا سَيَعلَمُونَ» و معني (كلا) ردع و زجر، كأنه قال ارتدعوا و انزجروا ليس الأمر کما ظننتم. و قال قوم: معناه حقاً سيعلمون عاقبة أمرهم و عائد الوبال عليهم. و قال الضحاك: معناه كلا سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم، و سيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم. و قال قوم: كلا سيعلمون ما ينالهم يوم القيامة من العذاب، ثم كلا سيعلمون ما ينالهم في جهنم من العذاب، فلا يکون تكراراً.
و الاختلاف ذهاب کل واحد من النفيسين إلي نقيض ما ذهب اليه الآخر، يقال:
اختلفا في المعني فذهب أحدهما إلي كذا، و ذهب الآخر إلي كذا.
ثم نبههم علي وجه الاستدلال علي صحة ذلک فقال «أَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ مِهاداً» أي وطاء، و هو القرار المهيأ للتصرف فيه من غير أذية. و قال قتادة: المهاد البساط و مهد الإرض تمهيداً مثل وطأه توطئة، لأن ذلک لا يقدر عليه غير اللّه، لأنه ألذي يسكن الإرض حالا بعد حال حتي يمكن الاستقرار عليها و التصرف فيها «وَ الجِبالَ أَوتاداً» أي و جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لئلا تميد بهم، فالجبال جمع جبل، و هو بغلظه و ثقله يبلغ أن يکون ممسكاً للأرض عن أن تميد بثقله، فعلي ذلک دبره اللّه، و ذكر العباد به و ما فيه من العبرة بعظمة من يقدر عليه. و الوتد المسمار إلا أنه اغلظ منه، لذلك يقال: مسامير العناء إذا دقت كالمسمار من الحديد في القوة و الدقة، و لو غلظت صارت أوتاداً فكذلك وصفت الجبال بأنها أوتاد للأرض إذ جعلت بغلظها ممسكة لها عن أن تميد باهلها.
و قولهتعاليکه «وَ خَلَقناكُم أَزواجاً» أي اشكالا کل واحد يشاكل الآخر. و قيل:
معناه ذكراً و أنثي حتي يصح منكم التناسل.
و قوله «وَ جَعَلنا نَومَكُم سُباتاً» أي نعاساً في أوله تطلب النفس الراحة به.