نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 10 صفحه : 227
و عاد و ثمود، و الآخرون قوم لوط و ابراهيم إلي فرعون و من معه من الجنود أهلكهم اللّه تعالي بأنواع الهلاك جزاء علي كفرهم لنعم اللّه و جحدهم لتوحيده و اخلاص عبادته و قوله «ثُمَّ نُتبِعُهُمُ الآخِرِينَ» إنما رفعه عطفاً علي موضع «أ لم» كأنه قال:
لكنا نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين. و قال المبرد تقديره ثم نحن نتبعهم لا يجوز غيره. لان قوله (أَ لَم نُهلِكِ) ماض، و قوله (ثُمَّ نُتبِعُهُمُ) مستقبل فلا يکون عطفاً علي الاول و لا علي موضعه. و الإهلاك إبطال الشيء بتصييره الي حيث لا يدري اينکه هو إما باعدامه او بإخفاء مكانه، و قد يکون الإهلاك بالاماتة، و قد يکون بالنقل إلي حال الجمادية. و الاول هو الكائن قبل غيره. و الثاني هو الكائن بعد غيره.
و الاول قبل کل شيء هو اللّه تعالي ألذي لم يزل. (وَ الأَوَّلِينَ) في الآية هم الّذين تقدموا علي أهل العصر الثاني، و الاخر الكائن بعد الاول من غير بقية منه، و بهذا ينفصل عن الثاني، لأن الثاني قد يکون بعد بقية من الشيء ثالثاً و رابعاً و خامساً إلي حيث انتهي، فإذا صار الي الآخر فليس بعده شيء كالكتاب ألذي هو أجزاء كثيرة و قوله (كَذلِكَ نَفعَلُ بِالمُجرِمِينَ) أي مثل ما فعلنا بأولئك نفعل مثله بالعصاة ثم قال (وَيلٌ يَومَئِذٍ) يعني يوم الجزاء و الثواب و العقاب (لِلمُكَذِّبِينَ) فإنهم يجازون بأليم العقاب. و الاتباع الحاق الثاني بالأول بدعائه اليه، و التبع الحاق الثاني بالأول باقتضائه له، تبع تبعاً فهو تابع و أتبع اتباعاً.
و قوله (أَ لَم نَخلُقكُم مِن ماءٍ مَهِينٍ) و المهين القليل الغناء، و مثله الحقير الذليل و في خلق الإنسان علي هذا الكمال من الحواس الصحيحة و العقل و التميز من ماء مهين أعظم الاعتبار و أبين الحجة علي ان له مدبراً و صانعاً و خالقاً خلقه و صنعه فمن جحده کان كالمكابر لما هو من دلائل العقول.