نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 10 صفحه : 203
علي إعادته و احيائه بعد موته «أَ لَم يَكُ نُطفَةً مِن مَنِيٍّ يُمني» فالمني نطفة الذكر الّتي يجيئ منها الولد «ثُمَّ كانَ عَلَقَةً» أي قطعة من الدم المنعقد جامدة لا تجري فخلق اللّه منها هذا الإنسان ألذي هو في احسن تقويم، فسبحان من قدر علي ذلک. و قوله «فَخَلَقَ فَسَوّي» أي خلق من العلقة خلق سويا شق له السمع و البصر. و قال الفراء:
معني «فسوي» فسواه «فَجَعَلَ مِنهُ» من ذلک المني «الزَّوجَينِ الذَّكَرَ وَ الأُنثي» فمن قدر علي ذلک لا يقدر علي ان يحيي الموتي بعد ان كانوا أحياء!؟ بلي و اللّه قادر علي ذلک، لان جعل النطفة علقة و خلق العلقة مضغة و خلق المضغة عظماً و كسو العظم لحماً ثم إنشاؤه خلقاً آخر حياً سليماً مركباً فيه الحواس الخمس کل واحدة منها يصلح لما لا يصلح له الاخري، و خلق الذكر و الأنثي اللذين يصح منهما التناسل علي ما قدره اللّه أعجب و أبدع من اعادة الميت الي ما کان من كونه حياً، فمن قدر علي الأول أولي بأن يکون قادراً علي الثاني، فالاحياء إيجاد الحياة، و الاماتة إيجاد الموت عند من قال أن الموت معني، و من قال: ليس بمعني، قال: هو نقض بنية الحي علي وجه الاختراع.
و قوله «فَجَعَلَ مِنهُ» قيل يعني من الإنسان «الزَّوجَينِ الذَّكَرَ وَ الأُنثي» و قيل من المني «أَ لَيسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلي أَن يُحيِيَ المَوتي» و قال قتادة:
کان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله إذا ختم السورة، يقول: سبحانك اللّه بلي، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام
و في الآية دلالة علي صحة القياس العقلي، و هو أن من قدر علي احياء الإنسان قادر علي احيائه بعد الاماتة، و قال الفراء: يجوز في العربية يحيي الموتي بالإدغام: بأن ينقل الحركة الي الحاء و تدغم احدي الياءين في الاخري و انشد:
و كأنها بين النساء سبيكة تمشي بسدة بيتها بتعيّ[1]