الي اللّه، و الي فلان، و انظر اليه أي انتظر خيره و نفعه و أؤمل ذلک من جهته، و قوله «وَ لا يَنظُرُ إِلَيهِم يَومَ القِيامَةِ»[1] معناه لا ينيلهم رحمته. و يکون النظر بمعني المقابلة، و منه المناظرة في الجدل، و منه نظر الرحمة أي قابله بالرحمة، و يقال: دور بني فلان تتناظر أي تتقابل، و هو ينظر الي فلان أي يؤمله و ينتظر خيره، و ليس النظر بمعني الرؤية أصلا، بدلالة انهم يقولون: نظرت الي الهلال فلم أره فلو کان بمعني الرؤية لكان متناقضاً، و لأنهم يجعلون الرؤية غاية للنظر يقولون: ما زلت أنظر اليه حتي رأيته، و لا يجعل الشيء غاية لنفسه لا يقال: ما زلت أراه حتي رأيته، و يعلم الناظر ناظراً ضرورة، و لا يعلم كونه رائياً بل يسأل بعد ذلک هل رأيت أم لا!
و دخول «الي» في الآية لا يدل علي ان المراد بالنظر الرؤية، و لا تعليقه بالوجوه يدل علي ذلک، لأنا أنشدنا البيت، و فيه تعليق النظر بالوجه و تعديه بحرف (الي) و المراد به الانتظار، و قال جميل بن معمر:
و إذا نظرت اليك من ملك و البحر دونك جرتني نعماء[2]
و المراد به الانتظار و التأميل، و ايضاً، فانه في مقابلة قوله في صفة اهل النار «تَظُنُّ أَن يُفعَلَ بِها فاقِرَةٌ» فالمؤمنون يؤمنون بتجديد الكرامة و ينتظرون الثواب، و الكفار يظنون الفاقرة، و كله راجع الي فعل القلب، و لو سلمنا أن النظر يعد الرؤية لجاز أن يکون المراد أنها رؤية ثواب ربها، لأن الثواب ألذي هو انواع اللذات من المأكول و المشروب و المنكوح تصح رؤيته، و يجوز ايضاً أن يکون إلي واحد إلآلاء و في واحدها لغات (ألا) مثل قفا، و (ألي) مثل معي و (إلي) مثل حدي و (ألي) مثل حسي، فإذا أضيف الي غيره سقط التنوين، و لا يکون (الي) حرفاً في الآية و کل ذلک يبطل قول من أجاز الرؤية علي اللّه تعالي.