الإخفاء و الإغماض. و قال قتادة «ثُمَّ إِنَّ عَلَينا بَيانَهُ» معناه إنا نبين لك معناه إذا حفظته.
و قوله «كَلّا بَل تُحِبُّونَ العاجِلَةَ» معناه الاخبار من اللّه تعالي أن الكفار يريدون المنافع العاجلة و يركنون اليها و يريدونها «وَ تَذَرُونَ الآخِرَةَ» أي و تتركون عمل الآخرة ألذي يستحق به الثواب، و تفعلون ما يستحق به العقاب من المعاصي و المحارم.
ثم قسم تعالي اهل الآخرة فقال «وُجُوهٌ يَومَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلي رَبِّها ناظِرَةٌ» أي مشرقة مضيئة، فالنضرة الصورة الحسنة الّتي تملأ القلب سروراً عند الرؤية نضر وجهه ينضر نضرة و نضارة فهو ناضر. و النضرة مثل البهجة و الطلاقة، و ضده العبوس و البسور، فوجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة بما جعل اللّه عليها من النور علامة للخلق، و الملائكة علي انهم مؤمنون مستحقون الثواب. و قوله «إِلي رَبِّها ناظِرَةٌ» معناه منتظرة نعمة ربها و ثوابه ان يصل اليهم. و قيل «ناضرة» أي مشرفة «الي» ثواب ربها «ناظرة» و ليس في ذلک تنغيص لان الانتظار إنما يکون فيه تنغيص إذا کان لا يوثق بوصوله الي المنتظر أو هو محتاج اليه في الحال.
و المؤمنون بخلاف ذلک، لأنهم في الحال مستغنون منعمون، و هم ايضاً واثقون انهم يصلون الي الثواب المنتظر. و النظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلبا للرؤية و يکون النظر بمعني الانتظار، کما قال تعالي «وَ إِنِّي مُرسِلَةٌ إِلَيهِم بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ»[1] أي منتظرة و قال الشاعر:
وجوه يوم بدر ناظرات الي الرحمن تأتي بالفلاح[2]
أي منتظرة للرحمة الّتي تنزل عليهم، و قد يقول القائل: انما عيني ممدودة